للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ الله، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِم. فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ، مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بأَيدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِم. فَلَمَّا رَأَيتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ. فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ. فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي،

ــ

وعَطْسًا أَتَتْه العَطْسَة (فقلت) له وأنا في الصلاة (يرحمك الله) تعالى تشميتًا له لعطاسه (فرماني القوم) المصلون أي نظروا إِليَّ (بأبصارهم) نظرًا حديدًا كما يرمى بالسهم زجرًا لي بالبصر من غير كلام لأنهم في الصلاة (فقلت) أي باللسان كما هو الظاهر من تشديدهم الزجر بضرب الأيدي على الأفخاذ أو فقلت في نفسي (وَاثُكْلَ أمياه) أي وَافْقدَ أُمِّي إياي فإني هَلكْتُ فَوا كلمةٌ تَختصُّ بنداءِ الندبة، والندبة نِداءُ المُتفجّع عليه ثُكْلَ منادى مندوب مضاف منصوب بالفتحة الظاهرة، والثُّكْلُ بضم المثلثة مع سكون الكاف وكذا الثَّكَل بفتحتين فُقدانُ المرأةِ ولدَها، وهو مضاف إلى أُمِّ بكسر الميم لإضافته إلى ياء المتكلِم المُلْحَقِ بآخره الألفُ والهاءُ وهذه الألفُ تَلْحَقُ المنادى المندوب لأجل مَدِّ الصوت به إظهارًا لشدةِ التفجعِ والحزنِ والهاء التي بعدها هي هاءُ السكتِ الئابتة في الوقف المحذوفة في الوصل ولا يكونان إلا في الآخر نحو واعَبْدَ المَلِكَاهُ ولا يلتحقان بنحو عبد الله فرارًا من الثقل كما هو المقرر في محفه من كتب النحو (ما شأنكم) بالهمزة وتبدل ألفًا أي ما حالكم وأمركم (تنظرون إليَّ) نظَرَ الغضب (فجعلوا) أي شرعوا (يضربون بأيديهم) زيادة في الإنكار عليَّ (على أفخاذهم) وفيه دليل على أن الفعل القليل لا يبطل الصلاة اهـ مرقاة. قال النواوي: فعلوا هذا ليسكتوه وهذا محمول على أنه كان قبل أن يشرع التسبيح لمن نابه شيء في صلاته، وفيه دليل على جواز الفعل القليل في الصلاة، وأنه لا تبطل به الصلاة وأنه لا كراهة فيه إذا كان لحاجة اهـ.

(فلما رَأَيتُهم) أي عَلِمْتُهم (يُصَمِّتُونَنِي) بتشديدِ الميم أي يُسكِّتُونني فجوابُ لمَّا محذوف تقديره غَضِبْتُ وتغيَّرْتُ قاله الطيبي كذا في المرقاة، فبه يظهر وَجْه الاستدراكِ في قوله (لكني سكت) أي سكتُ ولم أعمَلْ بمقتضَى الغضب، وقوله (فلما صلى) إلخ جوابُ لما، قوله "قال إِنَّ هذه الصلاة" الحديثَ وما بينهما اعتراض أو الجواب محذوف والتقدير فلمَّا صلى اشتغلَ بتعليمي بالرِّفْقِ، ويُروى فلمَّا صلى دعاني أفاده ملا علي، أي فلما فرغ (رسول الله صلى الله عليه وسلم) من صلاته اشتغل بتعليمي بالرفقِ، والفاء في قوله (فبأبي هو وأمي) زائدة كما هي محذوفة في رواية أبي داود أو اعتراضية، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبرٍ عن هو أي فهو صلى الله عليه وسلم مفديٌّ بأبي وأمي

<<  <  ج: ص:  >  >>