للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَيَّ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، أَفَلا أُعْتِقُهَا؟ قَال: "ائْتِني بِهَا" فَأَتَيتُهُ بِهَا. فَقَال لَهَا: "أَينَ الله؟ " قَالتْ: فِي السَّمَاءِ. قَال: "مَنْ أَنَا؟ " قَالتْ: أَنْتَ رَسُولُ الله. قَال: "أَعْتِقْهَا. فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ"

ــ

الصك ذنبًا عظيمًا (علي) أي ظلمًا لها (قلت يا رسول الله أفلا أعتقها) أي أفلا يكون عتقها كفارة عني فأعتقها (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ائتني بها) أي بتلك الجارية لأنظر هل هي مؤمنة أم كافرة (فأتيته) صلى الله عليه وسلم (بها) أي بتلك الجارية أي جئته بها كما في رواية أبي داود (فـ) لما أتيته بها (قال لها) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أين الله) سبحانه وتعالى؟ وهذا السؤال من النبي صلى الله عليه وسلم تَنَزُّلٌ مع الجارية على قَدْر فهمها إذ أراد أن يظهر منها ما يدل على أنها ليست ممن يعبد الأصنام ولا الحجارة التي في الأرض، وأين ظرف يسأل به عن المكان كما أن متى ظرف يسأل به عن الزمان، وهو مبني لتضمنه معنى حرف الاستفهام وحرك لالتقاء الساكنين وخص بالفتح تخفيفًا وهو خبر المبتدأ الواقع بعده (قالت) هو سبحانه وتعالى (في السماء) أي على السماء أي مستو على السماء استواء يليق به نثبته ونعتقده لا نكيفه ولا نمثله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وهذا من أحاديث الصفات نُمرها على ظاهرها ولا نؤولها نظير قوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} ونحوه من آيات الصفات وأحاديثها؛ يعني أنها ليست بمتخذة إلهًا سوى الله تعالى وهو القاهر فوق عباده ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، ثم (قال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أنا) أي هل أنا رسول الله أم لا؟ (قالت) الجارية (أنت رسول الله) إلى الناس كافة (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أعتقها فإِنها مؤمنة) بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه وسلم وفي هذا الحديث أن إعتاق المؤمن أفضل من إعتاق الكافر، وأجمع العلماء على جواز إعتاق الكافر في غير الكفارات، وأجمعوا على أنه لا يجزئ الكافر في كفارة القتل كما ورد به القرآن، واختلفوا في كفارة الظهار واليمين والجماع في نهار رمضان، فقال الشافعي ومالك والجمهور: لا يجزئه إلا مؤمنة حملًا للمطلق على المقيد في كفارة القتل، وقال أبو حنيفة والكوفيون: يجزئه الكافر للإطلاق فإِنها تسمى رقبة، وقوله (أين الله قالت في السماء) إلخ فيه دليل على أن الكافر لا يصير مؤمنًا إلا بالإقرار بالله تعالى وبرسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه دليل على أن من أقر بالشهادتين واعتقد ذلك جزمًا كفاه ذلك في صحة إيمانه وكونه من أهل القبلة والجنة، ولا يكلف مع

<<  <  ج: ص:  >  >>