فوجدوا النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة ومنهم ابن مسعود رضي الله عنه (سلمنا عليه) صلى الله عليه وسلم (فلم يرد علينا) السلام (فقلنا يا رسول الله كنا نسلم عليك في الصلاة) قبل هجرتنا إلى الحبشة (فترد علينا) السلام باللفظ وأنت في الصلاة فلم لم ترد علينا السلام الآن (فقال) صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالهم (أن في الصلاة شغلًا) بضم الشين وسكون الغين، وبضمهما، والتنكير فيه للتنويع أي شغلًا مانعًا من الكلام وغيره؛ أي شغلًا بالقراءة والذكر والدعاء أو التنكير للتعظيم أي شغلًا أي شغل لأنها مناجاة مع الله تستدعي الاستغراق بخدمته فلا يصلح الاشتغال بغيره، قال ابن الملك: والشغل يصح أن يكون بمعنى الفاعل يعني أن في الصلاة شيئًا شاغلًا للمصلي بها، وأن يكون بمعنى المفعول يعني أن في الصلاة شيئًا يشتغل المصلي به اهـ، ويفهم منه التفرغ للصلاة من جميع الأشغال ومن جميع المشوشات والإقبال على الصلاة بظاهره وباطنه اهـ قرطبي، وقال النواوي: ومعناه أن وظيفة المصلي الاشتغال بصلاته وتدبر ما يقوله فلا ينبغي أن يعرج على غيرها من رد السلام ونحوه اهـ. وهذا الحديث حجة على من أجاز للمصلي أن يرد السلام نطقًا وهم أبو هريرة وجابر والحسن وسعيد بن المسيب وقتادة وإسحاق، ثم إذا قلنا: لا يرد نطقًا فهل يرد إشارة أم لا؟ وبالأول قال مالك وأصحابه وهو مذهب ابن عمر وجماعة من العلماء، وبالثاني قال أبو حنيفة فمنع الرد إشارة ونطقًا وبه قال الثوري وعطاء والنخعي، ثم اختلف من لم يرده هل يرد إذا سلم أم لا؟ وبالأول قال الثوري وعطاء والنخعي، وبالثاني قال أبو حنيفة، وقال بعض أهل العلم يرد المصلي في نفسه هذا حكمه في الرد. وأما ابتداء السلام على المصلي فاختلف فيه العلماء فعن مالك فيه الجواز وقد رويت عنه الكراهة اهـ قرطبي، قلت: رد السلام قولًا ونطقًا محظور، ورده بعد الخروج من الصلاة سنة وقد رد النبي صلى الله عليه وسلم على ابن مسعود بعد الفراغ من صلاته السلام والإشارة سنة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [١/ ٣٨٦] والبخاري [١١٩٩]، وأبو داود [٩٢٣ و ٩٢٤] والنسائي [٣/ ١٩].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال: