تعالى {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيهِمُ الْخَبَائِثَ} فبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم أن إطلاق الخبيث لا يلزم منه التحريم إذ قد يراد به ما لا يوافق عادة واستعمالًا (فبلغ ذاك) الذي قالوه (النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أيها الناس إنه) أي إن الشأن والحال (ليس بي) أي ليس لي (تحريم ما أحل الله) تعالى (لي) ولأمتي (ولكنها) أي ولكن هذه البقلة (شجرة) أي بقلة (أكره ريحها) المنتنة المستكرهة، وسماها خبيثة لقبح رائحتها، قال أهل اللغة: الخبيث في كلام العرب المكروه من قول أو فعل أو مال أو طعام أو شراب أو شخص، ومن هذا يُعلم أنه لا يصح للشافعي الاحتجاج بقوله تعالى:{وَيُحَرِّمُ عَلَيهِمُ الْخَبَائِثَ} على تحريم ما يستخبث عادة كالحشرات وغيرها إذ الخبائث منقسمة إلى مستخبث عادة وإلى مستخبث شرعًا ومراده تعالى في الآيةِ المُسْتَخْبَثاتُ الشرعية إذ قد أباح البصل والثوم مع أنها مستخبثة، وحرم الخمر والخنزير وإن كان قد يستطاب اهـ مُفهم. قال النواوي: وقوله صلى الله عليه وسلم (أيها الناس إنه ليس لي تحريم ما أحل الله لي ... ) إلخ دليل على أن الثوم ليس بحرام وهو إجماع من يعتد به كما سبق، وقد اختلف أصحابنا في أن الثوم هل كان حرامًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أم كان يتركه تَنَزُّهًا، وظاهر هذا الحديث أنه ليس بمحرم عليه صلى الله عليه وسلم ومن قال بالتحريم يقول ليس لي أن أحرم على أمتي ما أحل لها اهـ. وقال القرطبي: وهذا يرد قول أهل الظاهر بتحريم أكل الثوم لأجل منعه من حضور الجماعة التي يعتقدون فرضيتها على الأعيان وكافة العلماء على خلافهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٣/ ٦٠ - ٦١] وأبو داود [٣٨٣٣].
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بمفهوم حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الثاني فقال:
١١٥١ - (٥٢٦)(١٨٥)(حدثنا هارون بن سعيد) بن الهيثم التميمي (الأيلي) نزيل مصر، ثقة من (١٠)(وأحمد بن عيسى) بن حسان المصري المعروف بالتستري، صدوق، من (١٠)(قالا حدثنا) عبد الله (بن وهب) المصري (أخبرني عمرو) بن