أَنَا ضَرَبْتُهُمْ بِيَدِي هَذِهِ عَلَى الإِسْلامِ. فَإِنْ فَعَلُوا ذلِكَ فَأُولَئِكَ أَعْدَاءُ الله، الكَفَرَةُ الضُّلَّالُ. ثُمَّ إِنِّي لا أَدَعُ بَعْدِي
ــ
جعل هذا الأمر يعني أمر الخلافة في أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجملة قوله (أنا ضربتهم بيدي هذه على الإسلام) صفة لأقوامًا يعني أن أقوامًا متأخري الإسلام موصوفين بكوني ضربتهم على الدخول في الإسلام يطعنون أي يعيبون في جعل هذا الأمر في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم بل يريدون لأنفسهم، قال القرطبي: قوله (في هذا الأمر) إشارة إلى جعله الأمر شورى بين الستة المذكورين، وقال الأبي: الله أعلم بمن عني عمر بهؤلاء القوم الطاعنين الآبين من الخلافة، نعم كان قوم يأبون أن تكون في أهل البيت، ثم أطال الكلام بحيث لا يسعه المقام، وذكر في أثنائه قول عمر رضي الله عنه: والله لا جعلت فيها أحدًا حمل السلاح على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن هذا الأمر لا يصلح للطلقاء ولا لأبناء الطلقاء، ولَو اسْتَقْبَلْتُ مِن أمري ما اسْتَدْبَرْتُ ما جمعْتُ ليزيد بن أبي سفيان ومعاوية بن أبي سفيان ولايةَ الشام. قال: فيحتمل أن يكون عمر رضي الله عنه أراد بالطاعنين هؤلاء الآبين كونها في أهل البيت، وقد يشهد لذلك قوله أنا ضربتهم بيدي هذه على الإسلام.
(فإن فعلوا) أي فإن فعل أولئك الطاعنون (ذلك) الطعن وأفشوه في الناس وعملوا الخلاف في ذلك والمُشَاقَّةَ ولم يَرْضَوا بالذين اخترْتُهم (فأولئك) الطاعنون عند الله المشاقون لمن اخترتهم من أهل الشورى (أعداء الله الكفرة الضلال) قال القرطبي: وظاهر هذا أنه حكم بكفرهم وكأنه علم أنهم منافقون، وعلى هذا يدل قوله (أنا ضربتهم بيدي على الإسلام) يعني أنهم إنما دخلوا في الإسلام على تلك الحال لم تنشرح صدورهم للإسلام إنما تستروا بالإسلام وذلك حال المنافقين، ويحتمل أنهم لما فعلوا فعل الكفار من الخلاف وموافقة أهل الأهواء ومشاقة المسلمين أطلق عليهم ما يطلق على الكفار، وعلى هذا فيكون هذا الكفر من باب كفران النعم والحقوق، وقوله (الكفرة) جمع كافر على وزن فعلة (الضلال) جمع ضال على وزن فعال وهو عطف بيان للكفرة أو صفة له، قال النواوي: معناه إن استحلوا ذلك فهم كفرة ضلال وإن لم يستحلوا ذلك ففعلهم فعل الكفرة اهـ.
(ثم) بعد ما ذكر قال عمر رضي الله عنه (إني لا أدع) أي لم أترك (بعدي) أي بعد