هذا الاستدراكُ مردود لأن قتادة وإن كان مدلسًا فقد قدَّمنا في مواضع من هذا الشرح أن ما رواه البخاري ومسلم عن المدلّسين وعَنْعَنُوه فهو محمولٌ على أنه ثَبَت من طريق آخر سماعُ ذلك المدلّس هذا الحديث ممن عنْعَنَه عنه، وأكثر هذا أو كَثيرٌ منه يَذْكُر مسلم وغيره سماعَه من طريق آخر متصلًا به، وقد اتفقوا على أن المدلس لا يُحتج بعنعنته كما سبق بيانُه في الفصول المذكورة في مقدمة هذا الشرح، ولا شك عندنا في أن مسلمًا رحمه الله تعالى يعلم هذه القاعدةَ ويعلمُ تدليسَ قتادة فلولا ثُبوتُ سماعه عنده لم يَحْتَجَّ به، ومع هذا كُلِّه فتدليسُه لا يلزم منه أن يذكر معدان من غير أن يكون له ذِكْرٌ، والذي يخَاف من المدلس أن يَحْذِفَ بعضَ الرواة أما زيادةُ مَنْ لم يكن فهذا لا يفعلُه المدني وإنما هذا فعلُ الكاذب المجاهرِ بكَذبه وإنما ذكر معدان زيادة ثقة فيجب قبولها، والعجبُ من الدارقطني رحمه الله تعالى في كونهِ جَعَلَ التدليس مُوجِبًا لاختراع ذِكْرِ رجل لا ذِكر له ونَسبه إلى مثل قتادة الذي محلُّه من العدالة والحفظ والعلم بالغاية العاليةِ وبالله التوفيق. وجملةُ ما ذكره المؤلف في هذا الباب ستةُ أحاديث: الأولُ حديثُ ابن عمر ذكره للاستدلال به على الجزءِ الأول من الترجمة وذكر فيه متابعةً واحدةً، والثاني حديث أنس ذكره للاستشهاد، والثالث حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد، والرابع حديث جابر ذكره للاستشهاد وذكر فيه ثلاث متابعات، والخامس حديث أبي سعيد الخدري ذكره للاستشهاد، والسادس حديث عمر ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والله سبحانه وتعالى أعلم.