سلامه عين لفظه فقال: السلام عليكم، وبالثاني قال الشافعي تمسكًا بلفظ التسليم وحملا له على عموم ما يشتق منه، وبإطلاق قول الراوي إنه صلى الله عليه وسلم كان يسلم، وكل ما ذكرنا من أصول السلام وفروعه إنما هو على مذهب من يرى أنه لا يتحلل من الصلاة إلَّا بالسلام وهم الجمهور، وقد ذهب أبو حنيفة والثوري والأوزاعي إلى أنه ليس من فروضها وأنه سنة وأنه يتحلل منها بكل فعل أو قول ينافيها، وذهب الطبري إلى التخيير في ذلك والأحاديث المتقدمة كلها ترد عليهم والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ من المفهم.
قال النواوي: وفي حديث الباب دلالة لمذهب الشافعي والجمهور من السلف والخلف أنه يسن تسليمتان، وقال مالك وطائفة: إنما يسن تسليمة واحدة وتعلقوا بأحاديث ضعيفة لا تقاوم هذه الأحاديث الصحيحة، ولو ثبت شيء منها حمل على أنه فعل ذلك لبيان جواز الاقتصار على تسليمة واحدة، وأجمع العلماء الذين يعتد بهم على أنه لا يجب إلَّا تسليمة واحدة فإن سلم واحدة استحب له أن يسلمها تلقاء وجهه وإن سلم تسليمتين جعل الأولى عن يمينه والثانية عن يساره ويلتفت في كل تسليمة حتى يرى من عن جانبه خده، هذا هو الصحيح، وقال بعض أصحابنا: حتى يرى خديه من عن جانبه، ولو سلم التسليمتين عن يمينه أو عن يساره أو تلقاء وجهه، أو الأولى عن يساره والثانية عن يمينه صحت صلاته وحصلت تسليمتان ولكن فاتته الفضيلة في كيفيتهما. واعلم أن السلام ركن من أركان الصلاة وفرض من فروضها لا تصح إلَّا به هذا مذهب جمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، وقال أبو حنيفة: هو سنة ويحصل التحلل من الصلاة بكل شيء ينافيها من سلام أو كلام أو حدث أو قيام أو غير ذلك، واحتج الجمهور بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم، وثبت في البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال:"صلوا كما رأيتموني أصلي" وبالحديث الآخر "تحريمها التكبير وتحليلها التسليم" اهـ من المنهاج.