الاعتقادية يجب مطابقته للواقع وهو عموم التعذيب لا حصره في اليهود، ويجاب عنه بأنه لا يعلم من الغيب إلَّا ما أعلم به فيحتمل أنه أوحي إليه بتعذيب اليهود فأخبر بذلك على مقتضى اعتقاده، ثم أوحي إليه بتعذيب الجميع، ولو أخبر أحد على مقتضى اعتقاده، ثم قال في علمي ثم انكشف خلافه لم يكن كاذبًا كما لا يحنث من حلف بالله على شيء وقال في علمي ثم ظهر خلافه اهـ.
(قالت عائشة فلبثنا) أي مكثنا بعد ذلك اليوم (ليالي) وأيامًا قلائل (ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل شعرت) وعلمت يا عائشة (أنه) أي أن الشأن والحال (أوحي إلي) من ربي (أنكم) أيتها الأمة (تفتنون) وتمتحنون (في القبور) قال القاضي: فتنة القبر والتعذيب فيه حق، وأجمع عليه أهل الحق؛ وهي المرادة بفتنة الممات في قوله (وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات) قال الأبي: فتنة القبر هي إحياء الميت فيه، وسؤال الملكين له وعذابه ما ينْزل بالميت فيه من الشدائد المذكورة في الأحاديث، وأما كيفية الفتنة فيأتي في مسلم في أثناء حديث مطول: أن الملكين يَدْخُلانِ القَبْرَ فَيُجلسان الميتَ ويقولان: أنت في البرزخ، فمن ربك؟ ومن نبيك؟ فإن كان كافرًا قال: لا أدري، وإن كان مؤمنًا قال: آمنت بالله ربًا، وبمحمد نبيًّا، فيفتح الله له في قبره، ويرى موضعه من الجنة، ويقال له: ارقد رقدة العروس، واسم أحد الملكين منكر والآخر نكير (قالت عائشة: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد) أي بعد ما أوحي إليه (يستعيذ) ويلوذ بالله (من عذاب القبر) أي فلما استعظم الأمر واستهوله أكثر الاستعاذة منه وعلمها وأمر بها وبإيقاعها في الصلاة ليكون أنجح في الإجابة وأسعف في الطلبة، إذ الصلاة من أفضل القرب وأرجى للإجابة وخصوصًا بعد فراغها ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:"أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء" رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفي هذا الحديث حجة على أبي حنيفة حيث منع الدعاء في الصلاة إلَّا بألفاظ القرآن. وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [٦/ ٨٩ و ٢٧١].