فَقَال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "فَوَاللهِ، إِنْ صَلَّيتُهَا" فَنَزَلْنَا إِلَى بُطحَانَ. فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَتَوَضأنَا. فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الْعَصْرَ بَعْدَ ما غَرَبَتِ الشمْسُ. ثُم صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ
ــ
الغروب يقتضي نفيه فتحصل من ذلك لعمر ثبوت الصلاة ولم يثبت الغروب (قلت) الأمر كما قال اليعمري لأن كاد إذا أثبتت نفت، صماذا نفت أثبتت، كما قال فيها المعري ملغزًا:
وإذا نفت والله أعلم أثبتت ... وإن أثبتت قامت مقام جحود
فإن قيل الظاهر أن عمر كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فكيف اختص بأن أدرك صلاة العصر قبل غروب الشمس بخلاف بقية الصحابة والنبي - صلى الله عليه وسلم - معهم، فالجواب أنه يحتمل أن يكون الشغل وقع بالمشركين إلى قرب غروب الشمس وكان عمر حينئذ متوضئًا فبادر فأوقع الصلاة ثم جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأعلمه بذلك في الحال التي كان النبي صلى الله عليه وسلم فيها قد شرع يتهيأ للصلاة، ولهذا قام عند الإخبار هو وأصحابه إلى الوضوء قاله الحافظ ابن حجر (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فو الله إن صليتها) أي ما صليتها، فإن نافية، وفي رواية البخاري "والله ما صليتها" وإنما حلف النبي صلى الله عليه وسلم تطييبًا لقلب عمر رضي الله عنه فإنه شق عليه تأخير العصر إلى قريب من المغرب فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يصلها بعد ليكون لعمر به أسوة ولا يشق عليه ما جرى وتطيب نفسه، وأكد ذلك الخبر باليمين، وفيه دليل على جواز اليمين من غير استحلاف وهي مستحبة إذا كان فيه مصلحة من توكيد الأمر أو زيادة طمأنينة أو نفي توهم نسيان أو غير ذلك من المقاصد السائغة، وقد كثرت في الأحاديث وهكذا القسم من الله تعالى كقوله:{وَالذَّارِيَاتِ}{وَالطُّورِ}{وَالْمُرْسَلَاتِ}، {وَالضُّحَى}، {وَالتِّينِ} ونظائرها كل ذلك لتفخيم المقسم عليه وتوكيده والله أعلم اهـ نواوي. قال جابر (فنزلنا التي بطحان) -بضم الموحدة وسكون الطاء أو بالفتح والكسر- واد بالمدينة المنورة (فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوضأنا فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر) بنا جماعةً (بعد ما غربت الشمس ثم صلى بعدها المغرب) استدل به على عدم مشروعية الأذان للفائتة، وأجاب من اعتبر بأن المغرب كانت حاضرةً، ولم يذكر الراوي الأذان لها، وقد عرف من عادته صلى الله عليه وسلم