للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَال: "هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاةِ؟ " فَقَال: نَعَمْ. قَال: "فَأَجِبْ"

ــ

إلى المسجد، ثم إنَّه لما تبيّن له من حاله أنَّه يتمكن من ذلك كما قد يتفق لبعض العميان قال له لا أجد لك رخصة كما رواه أبو داود في هذا الخبر، ودليل صحة ما ذكرناه أنَّه صَلَّى الله عليه وسلم لو تحقق له عذرًا لعذره كما رخص لعتاب بن مالك ولما قد أجمعت عليه الأمة من سقوط حضور الجماعة عن ذوي الأعذار، قال أبو هريرة (فلما ولى) وأدبر وذهب ذلك الأعمى من عند النَّبيِّ صَلَّى الله عليه وسلم (دعاه) النَّبي صَلَّى الله عليه وسلم أي ناداه وطلب منه الرجوع إليه ليستفسره (فقال) له النَّبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم (هل تسمع) من منزلك (النداء بالصلاة) والأذان لها (فقال) الأعمى (نعم) أسمع النداء للصلاة (قال) النَّبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم للأعمى إذن (فأجب) النداء بالحضور، قال النواوي: وأمَّا ترخيص النَّبيِّ صَلَّى الله عليه وسلم له، ثم رده، وقوله فأجب؛ فيحتمل أنَّه بوحي نزل في الحال، ويحتمل أنَّه تغير اجتهاده صَلَّى الله عليه وسلم إذا قلنا بالصحيح؛ وقول الأكثرين أنَّه يجوز له الاجتهاد، ويحتمل أنَّه رخص له أولًا وأراد أنَّه لا يجب عليك الحضور إمَّا لعذره وإما لأن فرض الكفاية حاصل بحضور غيره وإما للأمرين ثم ندبه إلى الأفضل، فقال: الأفضل لك والأعظم لأجرك أن تجيب وتحضر فأجب والله أعلم أن منه، وهذا يدل على أن ذلك كان في الجمعة وحينئذ لا تكون فيه حجة لداود ولا لمن استدل به على وجوب الجماعة في غير الجمعة، ولو سلم أن المراد به الجماعة لسائر الصلوات لأمكن أن يقال كان ذلك سدًا لباب الذريعة إلى إسقاطها لأجل المنافقين، كما قال عبد الله (ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلَّا منافق أو مريض) اهـ من المفهم.

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلَّا حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث النَّسائيّ [٢/ ١٠٩].

***

<<  <  ج: ص:  >  >>