للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَجَعَلَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ، قَال: وَحَدَّثَنَا زَيدُ بْنُ أَرْقَمَ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِقتَادَةَ فَقَال: كَذَبَ، مَا سَمعَ مِنْهُمْ، إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ سَائِلًا يَتَكَفَّفُ النَّاسَ زَمَنَ طَاعُونِ الْجَارِفِ

ــ

(فَجَعَلَ) أبو داود؛ أي: شرع يُحَدِّثُ لنا الحديثَ و (يقولُ: حَدَّثنا البَرَاءُ) بن عازب بن الحارث الأَنْصَارِيّ الأوسي، أبو عمارة، نزل الكوفة، له ثلاثمائة حديث وخمسة أحاديث.

(قال) هَمَّامٌ (و) جعل يقول أَيضًا: (حَدَّثنا زيدُ بن أرْقَمَ) بن زيد بن قيس الأَنْصَارِيّ الخزرجي الصحابي، نزل الكوفة، له تسعون حديثًا، وفي بعض النسخ إسقاط (قال) الثَّانية.

قال هَمَّامُ بن يحيى: (فَذَكَرْنا ذلك) الذي يقول أبو داود من روايته عن البراء وعن زيد بن أرقم (لقتادةَ) بن دعامة بن قتادة السَّدُوسي أبي الخطَّاب، البَصْرِيّ الأَكمَه، أحد الأئمة الأعلام، حافظ مفسِّر مدلِّس، من رؤوس الطَّبقة الرابعة، مات سنة بضع عشرة ومائة.

ورجالُ هذا السَّند كلهم بصريون إلَّا الفضل بن سهل؛ فإنَّه بغدادي.

(فقال) قتادةُ: (كَذَبَ) أبو داود فيما يقول لكم؛ لأنه (ما سَمعَ منهم) أي: من الصَّحَابَة، البراءِ بن عازب وزيدِ بن أرقم وغيرهما من سائر الصَّحَابَة ممَّن زَعَمَ أنَّه رَوَى عنهم، فإنَّه زعم أنَّه رأى ثمانية عشر بدريًّا، كما صرّح به في الرواية الأُخرى في الكتاب؛ أي: لم يسمع من واحدٍ من الصَّحَابَة بل (إنما كان ذلك) الأعمى فقيرًا محتاجًا (سائلًا) أي: طالبًا صَدَقَةً من المال.

وجملةُ قوله: (يَتكَفَّفُ النَّاسَ) صفةٌ لـ (سائلًا)؛ لأنَّ الجُمَلَ بعد النكرات تكون صفةً غالبًا؛ أي: سائلًا يسألُ النَّاسَ المال، باسطًا كفَّه إليهم كما هو شأن السائل.

وقولُه: (زَمَنَ طاعونِ الجارفِ) ظرفٌ متعلِّقٌ بـ (سائلًا)، وإضافةُ (طاعون) إلى (الجارف) من إضافة الموصوف إلى صفته كمسجد الجامع؛ أي: كان سائلًا مشغولًا بطلب المال لا بطلب الحديث في زمن الطاعون الجارف؛ أي: في زمن الوباء الذي جرف النَّاس واستأصلهم وأمات كثيرًا منهم من الصَّحَابَة وغيرهم في سنة

<<  <  ج: ص:  >  >>