منهما موجود (والساعة) أي يوم القيامة (حق) أي ثابت، وأصل الساعة الجزء القليل من اليوم أو الليلة، ثم استعير للوقت الذي تقام فيه القيامة يريد أنها ساعة خفيفة يحدث فيها أمر عظيم، وتكرير الحمد للاهتمام بشأنه وليناط به كل مرة معنى آخر، وفي تقديم الجار والمجرور إفادة التخصيص. فإن قلت: لم عرف الحق في الأولين ونكره في البواقي؟ قلت: لأنه هو الحق الواجب الدائم وما سواه في معرض الزوال، وكذا وعده مختص بالإنجاز دون وعد غيره، ونكره في البواقي لأنه لم يكن موضع حصر لأن لقاءه ثابت من جملة ما يكون ثابتًا اهـ من المبارق، قال القرطبي: ومعنى لقائنا الله تعالى عبارة عن حال مآلنا بالنسبة إلى جزائنا على أعمالنا في الدار الآخرة، والساعة يوم القيامة وأصله القطعة من الزمان لكن لما لم يكن هناك كواكب تقدر بها الأزمان سميت بذلك والله أعلم، وإطلاق اسم الحق على هذه الأمور كلها معناه أنها لا بد من كونها وأنها مما ينبغي أن يصدق بها، وتكرار الحق في تلك المواضع على جهة التأكيد والتفخيم والتعظيم لها اهـ من المفهم.
(اللهم لك) أي لأمرك ونهيك (أسلمت) أي انقدت وخضعت (وبك) أي بما أنزلت (آمنت) أي صدقت (وعليك توكلت) أي فوضت أمري إليك (وإليك أنبت) أي رجعت إليك مقبلًا بقلبي عليك (وبك) أي بما آتيتني من البراهين والحجج (خاصمت) أي جادلت من خاصمني من الكفار أو بتأييدك ونصرتك قاتلت (وإليك حاكمت) كل من أبي قبول ما أرسلتني به أو كل من جحد الحق حاكمته إليك وجعلتك الحكم بيننا لا من كانت الجاهلية تتحاكم إليه من كاهن ونحوه، وقدم جميع صلات هذه الأفعال عليها إشعارًا بالتخصيص وإفادةً للحصر (فاغفر لي ما قدمتـ) ـه قبل وقتي هذا (وما أخرت) عنه (وما أسررت) أي أخفيت (وما أعلنت) أي أظهرت أو ما حدثت به نفسي وما تحرك به لساني، قال تواضعًا وإجلالًا لله تعالى وتعليمًا لأمته (أنت إلهي) أي معبودي ومقصودي الذي وَلِهَ فيك قلبي، وتحير في عظمتك وجلالك عقلي وكَلَّ عن ثنائك لساني، فغاية الوسيلة إليك لا أحصي ثناءً عليك (لا إله إلَّا أنت) أي لا معبود غيرك ولا معروف بهذه المعرفة سواك. وفي هذا الحديث وغيره مواظبته صلى الله عليه وسلم في الليل على