في الليل (فقال) لهما (١) تنامان و (لا تصلون) هكذا في الأصول تصلون بصيغة الجمع، وجمع الإثنين وارد في كلام العرب صحيح كما في قوله تعالى قلنا اهبطوا منها قال علي (فقلت) للنبي صلى الله عليه وسلم في جواب استفهامه (يا رسول الله إنما أنفسنا) وأرواحنا (بيد الله) المقدسة سبحانه وتعالى (فإذا شاء) الله سبحانه وتعالى وأراد (أن يبعثنا) ويوقظنا من النوم (بعثنا) أي أيقظنا منه ونصلي (فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي ذهب ورجع غضبان (حين قلت له) صلى الله عليه وسلم (ذلك) الكلام (ثم) بعد انصرافه (سمعته وهو) أي والحال أنه (مدبر) أي مول ظهره إلينا، حالة كونه (يضرب) بيده الشريفة (فخذه) والمختار في معناه أنه تعجب من سرعة جوابه وعدم موافقته له على الاعتذار بهذا الكلام ولهذا ضرب فخذه (و) هو (يقول {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيءٍ جَدَلًا}) وقيل قاله تسليمًا لعذرهما وأنه لا عتب عليهما، وفي هذا الحديث الحث على صلاة الليل وأمر الإنسان صاحبه بها وتعهد الإمام الكبير رعيته بالنظر في مصالح دينهم ودنياهم، وأنه ينبغي للناصح إذا لم يقبل المنصوح له نصيحة أو اعتذر إليه بما لا يرتضيه أن ينكف ولا يعنف إلا لمصلحة اهـ نواوي.
وعبارة القرطبي هنا:(قوله طرقه وفاطمة) أي أتاهما ليلًا، والطارق هو الآتي بالليل، ومنه سمي النجم طارقًا في قوله تعالى والسماء والطارق وهذا الإتيان منه صلى الله عليه وسلم إنما كان منه ليوقظهما للصلاة بدليل قوله (ألا تصلون) وقد استنكر منهما نومهما في تلك الليلة إذ خالفا عادتهما ووقت قيامهما ولذلك اعتذر له علي رضي الله عنه بقوله (إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء بعثها) أي أيقظها، وانصراف النبي صلى الله عليه وسلم عند سماعه هذا الكلام منه، وضربه فخذه، وتمثله بالآية يدل على أنه لم يرض بذلك الجواب منه لأن الجزم والتهمم بالشيء يقتضي أن لا ينام عنه لأن من تحقق رجاؤه بشيء واشتدت عنايته به ورغبته فيه أو خاف من شيء مكروه قلَّ ما يصيبه ثقيل النوم أو طويله والله أعلم اهـ من المفهم. وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [١/ ١٠٢] والبخاري [١١٢٧] والنسائي [٣/ ٢٠٥ - ٢٠٦].