وقيامه بعد ذلك لحزبه فيصغي لذلك ويرقد ثم إن استيقظ ثانيةً فعل ذلك وكذلك ثالثةً فلا يستيقظ من الثالثة إلَّا وقد طلع الفجر فيفوته ما كان أراد من القيام، وإنما خص النوم العقد بثلاث لأن أغلب ما يكون انتباه النائم في السحر فإن اتفق له أن يستيقظ ويرجع للنوم ثلاث مرات لم تنقض النومة الثالثة في الغالب إلَّا والفجر قد طلع والله أعلم اهـ من المفهم. وقال أيضًا: وروايتنا الصحيحة (عليك ليل طويل) على الابتداء والخبر، وقد وقع في بعض الروايات (عليك ليلًا طويلًا) على الإغراء، والأول أولى من جهة المعنى لأنه الأمكن في الغرور من حيث إنه يخبره عن طول الليل ثم يأمره بالرقاد بقوله فارقد، وإذا نصب على الإغراء لم يكن فيه إلَّا الأمر بملازمة طول الرقاد وحينئذ يكون قوله فارقد ضائعًا والله أعلم اهـ منه.
(فإذا استيقظ) وانتبه أحدكم من نوم الغفلة (فذكر الله) بقلبه أو بلسانه بالاستغفار والتوحيد والتسبيح مثلًا (انحلت) أي انفكت وانفتحت عنه (عقدة) من العقد الثلاث (وإذا توضأ) بعد ذكره تعالى (انحلت عنه عقدتان) أي تمام العقدتين يعني عقدة النجاسة (فإذا صلى) ما كتب له ولو ركعتين (انحلت) أي انفكت عنه (العقد) الثلاث كلها، يعني تمامها وهي عقدة الكسالة (فأصبح نشيطا) أي اتصف في الصباح بالنشاط لما يرد عليه من عبادات آخر من صلوات وغيرها فإنه يألف العبادات ويعتادها حتى تصير له شربًا (أي موردًا) فتذهب عنه مشقتها ولا يستغني عنها (طيب النفس) أي ذات فرح لرجاء ثواب ما فعل ولانشراح صدره بما يستقبل والله أعلم اهـ من المفهم.
(وإلا) أي وإن لم يفعل ما ذكر من الذكر والوضوء والصلاة بل أطاع الشيطان ونام حتى تفوته صلاة الصبح (أصبح خبيث النفس) وخسيسها بشؤم تفريطه وبإتمام خديعة الشيطان عليه إذ قد حمله على أن فاته الحظ الأوفر من قيام الليل (كسلان) مذكر كسلى ممنوع من الصرف لزيادة الألف والنون، وقد وقع لبعض رواة الموطإ (كسلانًا) بالصرف وليس بشيء أي متثاقلًا من الخيرات فلا يكاد تسخو نفسه بها ولا تخف عليها صلاة ولا غيرها من القربات وربما يحمله ذلك على تضييع الواجبات (فإن قلت) في هذا الحديث