وقوله (كيت وكيت) كلمة يعبر بها عن الجمل الكثيرة والحديث من الأمر الطويل، ومثلها (ذيت وذيت) قال ثعلب: كان من الأمر (كيت وكيت) وكان من فلان (ذيت وذيت) فكيت كناية عن الأفعال، وذيت إخبار عن الأسماء (والتفصي) التفلُّت والانفصال، يقال تفصّى فلان عن كذا أي انفصل عنه، و (النعم) الإبل ولا واحد له من لفظه، والعقل جمع عقال ككتب وكتاب وهو حبل تعقل به الناقة كما مرّ بيانه اهـ مفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن مسعود رضي الله عنه فقال:
١٧٣٣ - (٠٠)(٠٠)(حَدَّثَنَا) محمد بن عبد الله (بن نمير حَدَّثَنَا أبي) عبد الله (وأبو معاوية) محمد بن خازم (ح وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (واللفظ) الآتي (له) أي ليحيى بن يحيى (قال) يحيى بن يحيى (أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش) سليمان بن مهران الكوفي (عن شقيق) بن سلمة أبي وائل الأسدي (قال) شقيق بن سلمة (قال عبد الله) بن مسعود. وهذا السند من خماسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة الأعمش لمنصور بن المعتمر في رواية هذا الحديث عن أبي وائل (تعاهدوا) أي تحافظوا (هذه المصاحف) وراجعوا ما فيها من القرآن بالتلاوة، جمع مصحف وهو اسم لما جمع بين الدفتين من كلام الله تعالى، قال ابن عطية: ففيه تنبيه للمؤمنين على تعاهد المصحف ولا يترك حتَّى تعلوه الغبار، وفي الحديث من علق مصحفًا ولم يتعاهده جاء يوم القيامة متعلقًا به يقول هذا اتخذني مهجورًا أي تركني وصد عني فأحكم بيني وبينه اهـ من الأبي.
(وربما قال) عبد الله تعاهدوا هذا (القرآن فلهو أشد تفصيًا من صدور الرجال من النعم) أي من تفصي النَّعم (من عُقله) أي من عُقل النَعم، ذكَّر الضمير هنا نظرًا إلى لفظه وأنثه في الرواية السابقة نظرًا إلى معناه لأنها بمعنى النوق (قال) عبد الله (وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقل أحدكم نسيت آية كيت وكيت) أي آية كذا وكذا (بل) فليقل (هو نُسِّي) بضم النون مع تشديد المهملة المكسورة أي أنساه الله تعالى.