الصوت الذي سمعته (باب) أي صوت (من السماء فُتح اليوم لم يُفتح قط) أي في زمن من الأزمنة الماضية، وفي بعض النسخ ولم يُفتح قط (إلا اليوم) أي إلا في هذا اليوم (فنَزل منه) أي من ذلك الباب (ملك فقال) جبريل - عليه السلام - (هذا) الملك (ملك نزل إلى الأرض لم ينْزل قط) إلى الأرض (إلا اليوم) وفي بعض النسخ، ولم ينْزل قط (فسلم) أي هذا الملك عليك يا محمد (وقال) لك (أبشر) يا محمد (بنورين أوتيتهما) أي أعطيتهما (لم يؤتهما) أي لم يعطهما (نبي) من الأنبياء (قبلك) هما (فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة) بالجر بدل من نورين ويجوز القطع إلى الرفع كما قررنا، وإلى النصب بتقدير يعني سماهما نورين لأن كل واحد منهما نور يسعى بين يدي صاحبهما أو لأنهما يرشدان إلى الصراط المستقيم اهـ ملا علي. ويعني بخواتيم البقرة الآيات الثلاث منهما.
قال القرطبي: قوله (بنورين) أي بأمرين عظيمين نيرين تبين لقارئهما وتنوره، وخصت الفاتحة بهذا لما ذكرناه من أنهما تضمنت جملة معاني الإيمان والإسلام والإحسان، وعلى الجملة فهي آخذة بأصول القواعد الدينية والمعاقد المعارفية، وخصت خواتيم سورة البقرة بذلك لما تضمنته من الثناء على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه رضي الله تعالى عنهم بجميل انقيادهم لمقتضاها وتسليمهم لمعناها وابتهالهم إلى الله تعالى ورجوعهم إليه في جميع أمورهم، ولما حصل فيها من إجابة دعواتهم بعد أن علموها فخفف عنهم وغفر لهم ونصروا، وفيها غير ذلك مما يطول تتبعه اهـ من المفهم.
(لن تقرأ) يا محمد أنت وأمتك (بحرف) أي بكلمة (منهما) أي من كلماتهما (إلا أعطيته) أي إلا أعطيت بمعنى ذلك الحرف أي بمقتضى تلك الكلمة وأجبت به. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث النسائي [٢/ ١٣٨].
ثم استدل المؤلف على الجزء الأخير من الترجمة بحديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه فقال: