(قلت) له صلى الله عليه وسلم أفضلها هي قوله تعالى ({اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢)}) (قال) أبي (فضرب) رسول الله صلى الله عليه وسلم (في صدري وقال: والله) أي أقسمت بالله (ليهنك العلم) أي ليكن العلم هنيئًا لك يا (أبا المنذر) بصيغة الأمر للغائب، وفي بعض النسخ (ليهنئك) بهمزة بعد النون على الأصل، قال ابن الملك: هذا دعاء له بتيسير العلم له ورسوخه فيه، وفي هذا الحديث حجة للقول بجواز تفضيل بعض القرآن على بعض وهو المختار فتكون جميع الآيات فاضلة وبعضها أفضل، بمعنى أن يكون الثواب بها أكثر لمعنى فيها كما كان يقال جميعها بليغ وبعضها أبلغ اهـ منه.
قال القرطبي: وفي هذا الحديث حجة لمن يقول بتفضيل بعض آي القرآن على بعض، وتفضيل القرآن على سائر الكتب المنَزلة، وهذا مما اختلف فيه فذهب إلى جوازه إسحاق بن راهويه وغيره من الفقهاء والمتكلمين مستدلًا بهذا الحديث وبما يشبهه كقوله:"قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن" رواه أبو يعلى من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، ومنع ذلك الشيخ أبو الحسن الأشعري والقاضي أبو بكر وجماعة من الفقهاء قالوا: لأن الأفضل يشعر بنقص المفضول وكلام الله تعالى لا نقص فيه، وتاولوا هذا اللفظ بان أفعل يأتي بمعنى فعيل كما قال تعالى:{وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيهِ}[الروم: ٢٧] وهذا فيه نظر فإنا نقول إن أُريد بالنقص اللازم من التفضيل إلحاق ما يُعيب المفضول فهذا ليس بلازم مطلقًا، وإن أُريد بالنقص أن المفضول ليس فيه ما في الأفضل من ذلك القدر الذي زاد به فهو الحق ولولا ذلك لما تحققت المفاضلة، ثم لا يجوز إطلاق النقص ولا الأنقص على شيء من كلام الله تعالى، وأما تأويل الحديث فهو وإن كان فيه مسوغ فلا يجري في كل موضع يستدل به على التفضيل فإن منها نصوصًا لا تقبل التأويل كقوله صلى الله عليه وسلم:"قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن" وغير ذلك مما في هذا المعنى، وإنما كانت آية الكرسي أعظم لما تضمنته من أوصاف الإلهية وأحكامها على ما لا يخفى على من تأملها فإنها تضمنت من ذلك ما لم يتضمنه غيرها من الآي، وقال بعض المتأخرين: إن هذه الآية اشتملت من الضمائر العائدة على الله تعالى على ستة عشر وكلها تفيد تعظيمًا لله تعالى، فكانت أعظم آية في كتاب الله تعالى لذلك والله أعلم.