من كلام النواوي وغيره، والفاعل محذوف، وحذف الفاعل المعلوم جائز مطرد في كلامهم، وعبر عن خطر المستعمل في المعاني بسقط المستعمل في الأجسام إشعارًا بشدة هذا الخاطر وثقله ووقوعه من غير اختيار، ونقل ملا علي عن شراح المصابيح ضبطهم إياه بصيغة المجهول واستصوبه وقال: إن لفظ سُقط جاء في قوله تعالى: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيدِيهِمْ} بالقراءة المتواترة على الضم فتحمل رواية هذا الحديث عليه مطابقة بينهما ولا شك أن قوله تعالى: {فِي أَيدِيهِمْ} وقوله في الحديث في نفسي بمعنى واحد لأنه كثيرًا ما يعبر عن النفس بالأيدي فالمعنى هنا ندمت من تكذيبي وإنكاري قراءتهما ندامة ما ندمت مثلها في الإسلام ولا إذ كنت في الجاهلية اهـ وعن هذا ضبطناه بوجهين كما تراه في تشكيلنا، وقوله (ولا إذ كنت في الجاهلية) فهم مما سبق من التقدير كونه معطوفًا والمعنى لا في وقت إسلامي ولا في وقت جاهليتي اهـ من بعض الهوامش.
(فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد غشبني) وغطاني من الندامة والدهشة أي فلما علم إتيان ما قد أتاني وأخذني وسترني من آثار الخجالة وعلامات الندامة (ضرب) بيده الشريفة (في صدري) لإخراج ذلك الخاطر المذموم ببركة يده المباركة (ففضت عرقا) أي تصببت عرقًا أي امتلأ عرقي استحياء منه صلى الله عليه وسلم حتى فاض أي سال من جميع جسدي (وكأنما أنظر) في ذلك الوقت (إلى الله عزَّ وجلَّ) نظر عيان (فرقا) أي خوفًا منه تعالى، وانتصابه على أنه مفعول له، وانتصاب عرقًا على التمييز.
قال الطيبي: كان أُبي رضي الله عنه من أفضل الصحابة رضي الله تعالى عنهم ومن الموقنين وإنما طرأ عليه ذلك التلويث بسبب الاختلاف نزغة من الشيطان فلما أصابته بركة ضربه صلى الله عليه وسلم بيده المباركة على صدره ذهبت تلك الهاجسة وخرجت مع العرق فرجع إلى اليقين فنظر إلى الله تعالى خوفًا وخجلًا مما غشيه من الشيطان اهـ أبي.
(فقال لي) رسول الله صلى الله عليه وسلم معطوف على ضرب (يا أُبي أُرسل إليّ)