للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال: مَا سَمِعْتُ مِنْ أنس مِنْ ذَا قَلِيلًا وَلَا كَثيرًا، إِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ الناسُ فَأنتمَا لَا تَعْلَمَانِ أَنِّي لَمْ أَلْقَ أَنَسًا.

قَال أَبُو دَاوُودَ: فَبَلَغَنَا بَعْدُ أَنهُ يَرْوي، فَأتَينَاهُ أَنَا وَعَبْدُ الرحمن

ــ

للنفي؛ لتقدُّم النفْيِ عليها؛ أي: بلى يتوبُ اللهُ تعالى عليه.

(قال) زيادُ بن ميمون: إنْ أردتما أنْ أُخْبِرَكما كلاما صادقا حقا .. فأقول لكما: أنا (ما سَمِعْتُ من أنسِ) بن مالك رضي الله عنه ولا شافهتُ منه (مِنْ) هـ (ذا) الحديثِ المُسْنَدِ إلى النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا أصلًا (قليلًا) منه (ولا كثيرًا، إن كان) الشأن (لا يَعْلَمُ الناسُ) عدم لقائي أنسًا.

و(لا) في قوله: (فأنتما لا تَعْلَمَانِ) زائدة؛ أي: فأنتما تعلمان (أني لم أَلْقَ) ولم أَرَ (أنسًا) رضي الله عنه، فكيف تُصَدِّقان روايتي عن أنس؟ فأنا كاذب في روايتي عنه، فأنا أتوبُ الآن إلى الله تعالى عن كذبي عليه، وأرجو الله تعالى قبول توبتي عنه.

ويحتمل أن تكون (لا) من قوله: (لا تَعْلَمَانِ) أصليةً على تقدير همزة الاستفهام التقريري، والمعنى: إنْ كان الناسُ لا يعلمون عدم لقائي أنسًا .. أفأنتما لا تعلمان ذلك؟ ! بل أنتما تعلمان أني لم أرَ أنسا، فكيف تَصِح روايتي عنه (١)؟ !

(قال أبو داود) الطيالسي: (فبَلَغَنا) أي: وصلنا وسمعنا من الناس، وقولُه: (بعدُ) ظرفُ زمانٍ مبنيٌّ على الضم لحذفِ المضافِ إليه ونَيَّةِ معناه متعلِّق بِـ (يَرْوي) الآتي؛ أي: فبلَغَنا (أنه يروي) بَعْدُ؛ أي: بلغنا أن زيادَ بنَ ميمونٍ يروي عنْ أنس بعد ما قال لنا ذلك الكلامَ من تكذيبِ نفسه (فأتيناه) أي: أتينا زيادَ بنَ ميمون (أنا) تأكيدٌ لضمير الفاعل في أتيناه (وعبدُ الرحمنِ) بن مهدي بالرفع معطوفٌ على ضمير الفاعل كما مَرَّ نظيرُه آنفًا.


(١) عبارة النووي هنا: (هكذا وقعَ في الأصول: "فأنتما لا تَعلَمَانِ"، ومعناه: فأنتما تَعلَمان، فيجوزُ أن تكونَ "لا" زائدة، ويجوزُ أن يكون معناه: أفأنتما لا تعلمان، ويكون استفهام تقرير وحذف همزة الاستفهام). "شرح صحيح مسلم" (١/ ١١٣ - ١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>