على شيء) من الحق والدين، قال القرطبي:(قوله أظن أن الناس على ضلالة) أي أعلم وأتيقن، فإن الظن قد يطلق على اليقين كما في قوله تعالى {فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا}[الكهف: ٥٣] اهـ من المفهم، وقال الأبي: الأظهر من هذا الكلام أنه قد اهتدى في نفسه فالظن بمعنى العلم وهو في ذلك كقس بن ساعدة أو كأحد من الأربعة الذي خلصوا نجيًّا من قريش الذي قدمنا حديثهم في الكلام على حديث ورقة بن نوفل من كتاب الإيمان، وكان شيخنا يحمل الظن على بابه ويقول: لا مانع من حمله عليه اهـ منه، وجملة قوله (وهم) أي والحال أنهم (يعبدون الأوثان) حال من اسم ليس، والأوثان جمع وثن وهو كل ما عبد من دون الله سواء كان من حجر أو شجر وسواء كان على صورة آدمي أم لا (فسمعت) من الناس (برجل) أي بظهور رجل (بمكة يُخبر أخبارا) حقة عن الله بتوحيده وبرسالته وببطلان الشرك مع الله تعالى (فقعدت على راحلتي) أي ناقتي أي ركبتها إلى مكة (فقدمت) إلى مكة واطلعت (عليه فإذا) هو (رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفيًا) من الناس أي مستترًا منهم خوفًا من إذايتهم وهو حال من رسول الله، وكذا جملة قوله (جرءاء عليه قومه) حال منه أي يجترءون عليه من الجرأة وهو شدة الإقدام على إذايته، وهو مرفوع على أنه خبر مقدم وقومه مبتدأ مؤخر على مذهب البصريين، قال النواوي: كذا هو في جميع الأصول بضم الجيم بوزن برءاء كعلماء جمع جريء بالهمز من الجرأة أي متسلطون عليه غير هائبين له، وذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين حراء بالحاء المهملة المكسورة ومعناه غضاب ذوو غم من شأنه قد قيل حيرهم حتى أثر في أجسادهم من قولهم حرى جسمه يحري من باب رمى يرمي إذا نقص من ألم أر غيره والصحيح أنه بالجيم اهـ، وقوله (فتلطفت) أي طلبت الدخول عليه بلطف ورفق (حتى دخلت عليه) وهو (بمكة) معطوف على قوله (فقدمت عليه) عطفًا تفسيريًّا (فقلت له ما أنت) أي ما حالك وشأنك، قال النواوي: لم يقل من أنت لأنه لم يسئله عن ذاته وإنما سأله عن صفاته والصفات مما لا يعقل اهـ وفي بعض الأصول (من أنت) لأنه سؤال عمن يعقل (قال) لي ذلك الرجل (أنا نبي) من أنبياء الله تعالى (قلت) له (وما نبي؟ ) أي وما معنى