هذه الأوقات حبًّا منه أن يعبدوا بجهته فيكون الساجد لها من الكفار كالساجدين له في الصورة فنهى صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في ذلك الوقت تحرزًا عن شبه الكفرة كما في المبارق (وحينئذ) أي وحين إذ تطلع بين قرني شيطان (يسجد لها الكفار) أي الذين يعبدونها، وهذا الوقت واللذان بعده هو موضع الترجمة من الحديث والله أعلم (ثم) بعدما طلعت الشمس وارتفعت (صل) أي صلاة شئت لأنه خرج وقت الكراهة (فإن الصلاة مشهودة) يشهدها الملائكة (محضورة) يحضرها أهل الطاعات اهـ مبارق، أي من سكان السماء والأرض، فمحضورة ليس تفسير مشهودة فالتأسيس أولى من التأكيد اهـ مرقاة، وعبارة العون مع أبي داود (مشهودة مكتوبة) أي تشهدها الملائكة ويحضرونها وتكتب أجرها وذلك أقرب إلى القبول وحصول الرحمة (حتى يستقل الظل بالرمح) أي حتى يرتفع الظل مع الرمح ولم يبق على الأرض منه شيء وذلك يكون في وقت الاستواء، وتخصيص الرمح بالذكر لأن العرب أهل بادية إذا أرادوا أن يعلموا نصف النهار ركزوا رماحهم في الأرض ثم نظروا إلى ظلها اهـ من المرقاة، وعبارة القرطبي:(قوله حتى يستقل الظل بالرمح) أي حتى يكون ظله قليلًا كأنه قال حتى يقل ظل الرمح، والباء زائدة كقوله تعالى:{وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ}[الحج: ٢٥] وقد رواه أبو داود فقال (حتى يعدل الرمح ظله) قال النواوي: معناه أنه يقوم مقابله في الشمال ليس مائلًا إلى المشرق ولا إلى المغرب وهذا حالة الاستواء اهـ والمراد أنه يكون الظل في جانب الرمح ولم يبق على الأرض من ظله شيء وهذا يكون في بعض أيام السنة ويقدر في سائر الأيام عليه، وقال الخطابي: وهو إذا قامت الشمس قبل أن تزول وإذا تناهى قصر الظل فهو وقت اعتداله فإذا أخذ في الزيادة فهو وقت الزوال اهـ من العون، وقد روى الخشنى: لفظ كتاب مسلم (حتى يستقل ظل الرمح) أي يقوم ولا تظهر زيادته، وفيه حجة لمن منع الصلاة حينئذ وهم أهل الرأي، وقد روي عن مالك، ومشهور مذهبه ومذهب جمهور العلماء جواز الصلاة حينئذ وحجتهم عمل المسلمين في جميع الأقطار على جواز التنفل يوم الجمعة إلى صعود الإمام على المنبر عند الزوال، والظاهر حمل النهي على منع التنفل في هذه الأوقات الثلاثة إلا في يوم الجمعة جمعًا بين الأحاديث والإجماع المحلي اهـ من المفهم باختصار.