من تقييد الغسل بالإتيان أن الغسل للصلاة لا لليوم وهو مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة رحمهم الله تعالى، فلو اغتسل بعد الصلاة لم يكن للجمعة، ولو اغتسل بعد الفجر أجزأه عند الشافعية والحنفية خلافًا للمالكية والأوزاعي وفي حديث إسماعيل بن أمية عن نافع عند أبي عوانة وغيره: كان الناس يغدون في أعمالهم فإذا كانت الجمعة جاءوا وعليهم ثياب متغيرة فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "من جاء منكم الجمعة -أي أراد مجيئها- فليغتسل" فأفاد سبب الحديث، واستدل به المالكية في أنه يعتبر أن يكون الغسل متصلًا بالذهاب لئلا يفوت الغرض وهو رعاية الحاضرين من التأذي بالروائح حال الاجتماع وهو غير مختص بمن تلزمه الجمعة اهـ منه.
قال النواوي: والحديث يدل على أنه يؤمر به كل من يريد إتيانها من صغير أو كبير ذكر أو أنثى، وحديث غسل الجمعة واجب على كل محتلم صريح في البالغ، وفيه أحاديث تقتضي دخول النساء كحديث (من اغتسل فالغسل أفضل) فيقال في الجمع بين الأحاديث: الغسل مستحب لكل من يريد إتيانها ويتأكد في حق المذكور أكثر من النساء وفي حق البالغين أكثر من الصبيان، والمشهور عندنا أنه يستحب للجميع، وقيل للذكور خاصة، وقيل لمن يلزمه إتيانها دون النساء والعبيد والصبيان والمسافرين، وقيل مستحب لكل أحد دوان لم يأت الجمعة كاستحباب غسل العيد لكل أحد اهـ. ولفظ (الجمعة) يقرأ بضم الميم إتباعًا لضمة الجيم كعُسر في عُسر، اسم من الاجتماع أُضيف إليه اليوم أو الصلاة ثم كثُر الاستعمال حتى حُذف منه الصلاة، وجُوِّز إسكانها على الأصل للمفعول كهُزأة وهي لغة تميم وقرأ بها المطوعي عن الأعمش وفتحها بمعنى فاعل أي اليوم الجامع فهو كهمزة ولمؤة ولم يقرأ بها، واستشكل كونه أُنِّث وهو صفة اليوم، وأُجيب بأن التاء ليست للتأنيث بل للمبالغة كما في رجل علّامة أو هو صفة للساعة وحُكي الكسر أيضًا اهـ إرشاد. وشارك المؤلف في رواية الحديث أحمد [٢/ ٩ و ٣٥ و ٣٣٠] , والبخاري [٨٩٤] , والترمذي [٤٩٢] , والنسائي [٣/ ٩٣ و ١٠٥] , وابن ماجه [١٠٨٨].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:
١٨٤٣ - (٠٠)(٠٠)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث ح وحدثنا) محمد (بن