الخطبة خلافًا لأبي حنيفة كما مر (فقد لغيت) بالياء بوزن رضيت أي تركت الأدب (قال أبو الزناد) بالسند السابق (هي) أي لفظة لغيت بالياء (لغة أبي هريرة) أي لغة قومه وهو بمعنى لغوت أي تكلمت بما لا ينبغي، يقال لغا يلغو كغزا يغزو، ويقال لغي يلغى كلقي يلقى ومصدر الأول اللغو ومصدر الثاني اللغا كغنى كما في القاموس، وعليها التلاوة في قوله تعالى:{وَقَال الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ}[فصلت: ٢٦] كما مر (وإنما هو) أي وإنما الفصيح المحفوظ (فقد لغوت) بالواو. واستدل به على منع جميع أنواع الكلام حال الخطبة وبه قال الجمهور، نعم لغير السامع عند الشافعية أن يشتغل بالتلاوة والذكر، وكلام المجموع يقتضي أن الاشتغال بهما أولى وهو ظاهر خلافًا لمن منع كما مر، ولو عرض مهم ناجز كتعليم خير ونهي عن منكر وتحذير إنسان عقربًا أو أعمى بئرًا لم يمنع من الكلام بل قد يجب عليه لكن يستحب أن يقتصر على الإشارة إن أغنت، نعم منع المالكية نهي اللاغي بالكلام أو رميه بالحصى أو الإشارة إليه بما يفهم النهي حسمًا للمادة اهـ إرشاد الساري.
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديث أبي هريرة وذكر فيه ثلاث متابعات.