ويفرغ منها، ذكر النواوي عن القاضي عياض بيان اختلاف السلف في تعيين تلك الساعة، ثم قال: والصحيح بل الصواب ما رواه مسلم من حديث أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها ما بين أن يجلس الإِمام إلى أن تقضى الصلاة اهـ، وفي المرقاة قال الطيبي: الظاهر أن يقال بين أن يجلس وبين أن تقضى إلا أنه أتى بإلى ليبين أن جميع الزمان المبتدأ من الجلوس إلى انقضاء الصلاة تلك السويعة وإلى هذه نظيرة من في قوله تعالى: {وَمِنْ بَينِنَا وَبَينِكَ حِجَابٌ} فدلت على استيعاب الحجاب للمسافة المتوسطة ولولاها لم يفهم اهـ، وعبارة السنوسي هنا قال الطيبي: أصل الكلام يقتضي أن تقترن لفظة بين بطرفي الزمان فيقال بين أن يجلس وبين أن تقضى إلا أنه أتى بإلى لإفادة أن جميع الزمان المبتدأ من الجلوس إلى انقضاء الصلاة تلك الساعة الشريفة وإلى هذه نظيرة من في قوله تعالى: {وَمِنْ بَينِنَا وَبَينِكَ حِجَابٌ} فإن من هنالك لتحقيق الابتداء فيلزم منه الانتهاء كما أن إلى هنا لتحقيق الانتهاء فيلزم الابتداء فإنه لو قيل بيننا وبينك حجاب لكان المعنى إن حجابًا حاصل وسط الجهتين فأما بزيادة من فالمعنى إن الحجاب ابتداؤه منا وابتداؤه منك فالمسافة المتوسطة لجهتنا وجهتك مستوعبة بالحجاب لا فراغ فيها اهـ منه.
قال النواوي: هذا الحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم وقال: لم يسنده غير مخرمة عن أبيه عن أبي بردة ورواه جماعة عن أبي بردة من قوله، ومنهم من بلغ به أبا موسى ولم يرفعه قال: والصواب أنه من قول أبي بردة وكذلك رواه يحيى القطان عن الثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة وتابعه واصل الأحدب ومجالد رواه عن أبي بردة من قوله وقال النعمان بن عبد السلام عن الثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه موقوف، ولم يثبت قوله عن أبيه، وقال أحمد بن حنبل: عن حماد بن خالد قلت لمخرمة سمعت: من أبيك شيئًا؟ قال: لا. هذا آخر كلام الدارقطني.
وهذا الذي استدركه بناء على القاعدة المعروفة له ولأكثر المحدثين أنه إذا تعارض في رواية الحديث وقف ورفع أو إرسال واتصال حكموا بالوقف والإرسال وهي قاعدة ضعيفة ممنوعة والصحيح طريقة الأصوليين والفقهاء والبخاري ومسلم ومحققي المحدثين أنه يحكم بالرفع والاتصال لأنها زيادة ثقة، وقد روينا في سنن البيهقي عن أحمد بن