(عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة) رضي الله عنه، وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وواحد كوفي وواحد بغدادي (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نحن) أي أنا وأمتي (الآخرون) ظهورًا في الدنيا (ونحن السابقون يوم القيامة) أي حسابًا ودخولا في الجنة كما سيأتي مبينًا في أحاديث الباب، وهذا كله شرف لهذه الأمة بشرف نبيها ولأنهم خير أمة أخرجت للناس، ويروى الأولون بدل السابقون (بيد) هو مثل غير وزنًا ومعنى وإعرابًا فمعنى بيد (أن كل أمة) غير أن كل أمة من الأمم السابقة أي إلا أن كل أمة من الأمم السابقة (أوتيت الكتاب) أي أعطوه (من قبلنا) أي من قبل ظهورنا في الدنيا، والكتاب التوراة، ويحتمل أن يريد به التوراة والإنجيل بدليل أنه قد ذكر بعد هذا اليهود والنصارى، فأل في الكتاب على هذا للجنس وعلى الأول للعهد، قال أبو عبيد:(بيد) بفتح الباء وسكون الياء وفتح الدال يكون بمعنى غير وبمعنى على وبمعنى من أجل، وأنشد:
عمدًا فعلت ذاك بيد أني ... أخاف إن هلكت لم ترني
من الرنة الصيحة الحزينة قال الليث: ويقال (ميد وبيد) بالميم والياء بمعنى غير. (قلت): ونصبه إذا كان بمعنى غير على الاستثناء ويمكن أن يقال: إنه بمعنى مع ويكون نصبه على الظرفية الزمانية، قال السنوسي: وقيل معنى بيد أنهم على أنهم، وقيل معناه الاستثناء بمعنى غير أنهم وعليه فيكون من باب تأكيد المدح بما يشبه الذم، قال النابغة:
فتى كملت أخلاقه غير أنه ... جواد فما يبقي من المال باقيا
والمعنى نحن السابقون يوم القيامة بما منحنا من الفضائل والكمالات غير أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، وهذا الإيتاء يؤكد مدح السابقين بما عقب من قوله:(وأوتيناه من بعدهم) لما أدمج فيه معنى النسخ لكتابهم، فالناسخ هو السابق في الفضل وإن كان مسبوقًا في الوجود؛ أي وأوتينا من بعدهم فهو سابق في الفضل والكمال، وإليه أشار صلى الله عليه وسلم بقوله: "والناس لنا فيه تبع" اهـ منه (وأوتيناه) أي أعطينا الكتاب وهو القرآن الكريم، فأل فيه للعهد (من بعدهم) أي من بعد كل أمة (ثم هذا اليوم) يعني