عن يعلى بن الحارث (قال) سلمة بن الأكوع: (كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة فنرجع) إلى منازلنا (وما نجد للحيطان) أي لجدران البيوت (شيئًا) أي ظلًا واسعًا (نستظل به) من حر الشمس لقلته وصغره، قال القرطبي: يعني أنه كان يفرغ من صلاة الجمعة قبل تمكن الفيء من أن يستظل به كما قال (ثم نرجع نتتبع الفيء) وهذا يدل على إيقاعه صلى الله عليه وسلم الجمعة في أول الزوال اهـ مفهم. قال النواوي: هذه الأحاديث ظاهرة في تعجيل الجمعة ولا تجوز إلا بعد الزو الذي قول جماهير العلماء، ولم يخالف في هذا إلا أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم فجوزاها قبل الزوال، وحمل الجمهور هذه الأحاديث على المبالغة في تعجيلها وأنهم كانوا يؤخرون الغداء والقيلولة في هذا اليوم إلى ما بعد صلاة الجمعة لأنهم ندبوا إلى التبكير إليها فلو اشتغلوا بشيء من ذلك قبلها خافوا فوتها أو فوت التبكير إليها، وقوله في الرواية الأولى (نتتبع الفيء) إنما كان ذلك لشدة التبكير وقصر حيطانهم، وفيه تصريح بأنه كان قد صار فيء يسير، وقوله في الرواية الأخيرة (وما نجد فيئًا نستظل به) موافق لتلك الرواية فإنه لم ينف الفيء من أصله وإنما نفى ما يستظل به وهذا مع قصر الحيطان ظاهر في أن الصلاة كانت بعد الزوال متصلة به اهـ.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثلاثة أحاديث الأول حديث جابر ذكره للاستدلال به وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني حديث سهل الساعدي ذكره للاستشهاد، والثالث حديث سلمة بن الأكوع ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة والله سبحانه وتعالى أعلم.