للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ. أَوْ لَيَخْتِمَن اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ. ثُمَّ لَيَكُونُن مِنَ الْغَافِلِينَ"

ــ

المنبر لأن المشهور استحباب توكؤ الخطيب على عصا، والمنبر مستحب، ومحله في الوضع يمين المحراب اهـ أبي، واللام في قوله (لينتهين) موطئة لقسم محذوف تقديره والله لينْزجرن (أقوام) أخفاء الأحلام لا يعتنون بدينهم (عن ودعهم) أي عن تركهم (الجمعات) جمع جمعة، قال القاضي: قال شمر: هذا الحديث يرد على النحاة في دعواهم أن العرب أماتت مصدر يدع وماضيه، فإنه صلى الله عليه وسلم أفصح الخلق، وقد نطق بالمصدر في هذا الحديث، وبالماضي في حديث: "إذا لم ينكر الناس المنكر فقد تودع منهم" أي تركوا وما استوجبوه من العقوبة، وقد قرأ ابن أبي عبلة: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: ٣] بتخفيف الدال أي ما تركك، والأكثر في الكلام ما ذكره شمر عن النحويين (أو ليختمن الله) سبحانه وتعالى أي ليغطين الله (على قلوبهم) حتى لا تعرف معروفًا ولا تنكر منكرًا ولا تعي خيرًا لأن من خالف أمرًا من أوامر الله تعالى يظهر في قلبه نكتة سوداء فإذا تكررت المخالفة تكررت النكتات فيسود قلبه ويغلب عليه الغفلة والبعد من الله تعالى، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم (ثم ليكونن من الغافلين) أي يكونن معدودين من جملتهم، قال السنوسي: والمعنى إن أحد الأمرين كائن لا محالة إما الانتهاء عن ترك الجمعات أو ختم الله تعالى على قلوبهم وذلك يؤدي بهم إلى أن يكونوا من الغافلين، وأدخلت ثم في قوله (ثم ليكونن من الغافلين) للتراخي في الرتبة فإن كونهم من جملة الغافلين المشهود فيهم بالغفلة أدعى لشقائهم وأنطق لخسرانهم من مطلق كونهم مختومًا عليهم اهـ.

والختم هو الطبع والتغطية وأصله من ختمت الكتاب إذا طبعته بطابعه، وهو في الحقيقة عبارة عما يخلقه الله في قلوبهم من الجهل والجفاء والقسوة وهذا مذهب أهل السنة، والمراد به هنا إعدام اللطف وأسباب الخير في حقه، وفي بعض الفتاوى: ترك الجمعة ثلاث مرات وقيل مرة يسقط العدالة اهـ من المبارق، وهذا الحديث حجة واضحة في وجوب الجمعة وفرضيتها، وجمهور الأئمة على أنها فرض من فروض الأعيان اهـ مفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [١/ ٢٣٩ و ٢٥٤ و ٢/ ٨٤] , والنسائي [٣/ ١٨٨ و ١٨٩] , وابن ماجه [٧٩٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>