كما فسره قتادة في حديث آخر بقوله يعني كفضل إحداهما على الأخرى، شبه القرب الزماني بالقرب المساحي لتصوير غاية قرب الساعة اهـ. قال القاضي: ويحتمل أنه تمثيل لاتصال زمنه بزمنها وأنه ليس بينهما نبي كما أنه ليس بينهما إصبع أخرى، ويحتمل أنه تمثيل لقرب ما بينهما من المدة اهـ، وجملة قوله (و) الحال أنه (يقرن) بضم الراء على المشهور ويروى بكسرها أي يضم (بين إصبعيه السبابة) سميت سبابة لأنهم كانوا يشيرون بها عند السباب (والوسطى) سميت بذلك لكونها وسط الأصابع الأربع، جملة حالية من فاعل يقول، قوله (ويقول: أما بعد) معطوف على احمرت أيضًا، قال القرطبي (وقوله أما) كلمة تفصل ما بعدها عما قبلها، وهي حرف متضمن للشرط ولذلك تدخل الفاء في جوابها، وقدرها النحويون بـ (مهما) و (بعد) ظرف زمان قطع عن الإضافة مع كونها مرادة فتبنى على الضم، وخص بالضم لأنه حركة ليست له في حال إعرابه والعامل فيه ما تضمنه أما من معنى الشرط فإن معناه مهما يكن من شيء بعد حمد الله تعالى فكذا والله أعلم، وقال بعض المفسرين في قوله تعالى:{وَآتَينَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ}[ص: ٢٠] هي كلمة أما بعد، وقيل فيه غير ذلك، والأولى أنه الفصل بين الحق والباطل ومنه قوله تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (١٣)} قال القاضي: وهي كلمة يستعملها الخطيب للفصل بين ما كان فيه من الحمد والثناء والانتقال إلى ما يريد أن يتكلم فيه، قال النواوي: ويستحب الإتيان بها حتى في خطب التصانيف، وعقد البخاري بابا لاستحبابها، واختلف في أول من تكلم بها فقيل داود - عليه السلام - وقيل يعرب بن قحطان وقيل قس بن ساعدة اهـ (فإن خير الحديث) وأصدق الكلام (كتاب الله) العزيز الذي لا تبديل فيه ولا تغيير وهو القرآن الكريم (وخير الهدي) بفتح الهاء وسكون الدال وهو المسموع من أفواه المحدثين، قال الفيومي والهدى بالفتح السيرة، وبضم الهاء وفتح الدال أي فإن أفضل المذهب وأحسن الطريقة (هدي محمَّد) صلى الله عليه وسلم بالضبطين المذكورين أي مذهب محمَّد وطريقته التي أرسل بها من التوحيد والأحكام العملية والاعتقادية (وشر الأمور) أي أقبح الأمور الدينية لا الدنيوية (محدثاتها) أي مخترعاتها ومبتدعاتها التي ليس لها في الشريعة أصل يشهد لها بالصحة والجواز وهي المسماة بالبدع (و) لذلك حكم عليها بأن كل بدعة) أي محدثة (ضلالة) أي غواية، وحقيقة البدعة ما ابتدئ وافتتح من غير أصل