كما في قوله تعالى {لَا أُقسِمُ} كلَّا أي ما (نرى في السماء من سَحَاب ولا قزعة) أي قطعة من سحاب من ذكر الجزء بعد الكل يجمع على قزع كقصبة وقصب قال أبو عبيد: وأكثر ما يكون في الخريف (وما بيننا) يعني أهل المدينة (وبين) جبل (سلع) بفتح السين المهملة وسكون اللام جبل مشهور بقرب المدينة (من بيت) صغير (ولا دار) كبير أي ليس بيننا وبينه من حائل يمنعنا من رؤية سبب المطر فنحن مشاهدون له وللسماء (فطلعت) أي ظهرت (من ورائه) أي من وراء ذلك الجبل (سحابة مثل الترس) أي شبه الحجفة والترس هو ما يتقى به السيف وتشبيه السحابة بالترس في كثافتها واستدارتها لا في القدر (فلما توسطت) السحابة (السماء) أي وصلت وسط السماء (انتشرت) وتفرقت في نواحي السماء (ثم أمطرت) السحابة أي أنزلت المطر الكثير وأمطر رباعيًّا ومطر ثلاثيًّا بمعنى واحد وقيل أمطر في العذاب ومطر في الرحمة والأول أشهر.
(قال) أنس: (فلا والله ما رأينا الشمس سبتًا) أي أسبوعًا من السبت إلى السبت كما نقول جمعةً أي من جمعة إلى جمعة والسبت في اللغة القطع وبه سمي يوم السبت وقد رواه الداودي سبتًا وفسره بستة أيام من الدهر وهو تصحيف (قال) أنس (ثم) بعد أُسبوع (دخل رجل) آخر (من هذا الباب) الذي كان من جهة دار القضاء (في الجمعة المقبلة) أي المستقبلة للجمعة الأولى وإنما فسرنا برجل آخر جريًا على القاعدة المشهورة عند البلغاء كما قال السيوطي في عقود الجمان:
ثم من القواعد المشتهرةْ ... إذا أتت نكرة مكررةْ
تغايرت وإن يعرِّف ثاني ... توافقا كذا المعرفان
(ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله) صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل حالة كونه (قائمًا فقال يا رسول الله هلكت الأموال) أي المواشي من كثرة المطر لتعذر رعيها (وانقطعت السبل) لتعذر سلوكها فهلاك الأموال وانقطاع السبل في هذه