رواه ثابت (و) لكن (زاد) حفص بن عبيد الله على ثابت لفظة (فرأيت السحاب يتمزق) أي يتقطع ويتفرق قطعًا قطعًا حتى يكون (كأنه الملاء) بضم الميم وبالمد جمع ملاءة بالمد أيضًا وهي الريطة أي الملحفة تلتحف بها المرأة وترتدي بها (حين تطوى) وتلف أي كأنه الملحفة أي مثل الملحفة المطوية بعد نشرها شبه انقشاع السحاب وانكشافه عن المدينة بلف الملاءة والملحفة المنشورة للبسها أولًا ثم طويت.
قال النواوي: لا خلاف أن الملاءة في الجمع والإفراد ممدودة ورأيت في كلام القاضي أنها مقصورة في الجمع وهو غلط من الناسخ وإن كان من الأصل فهو خطأ لا شك فيه اهـ.
وفي بعض الهوامش شبه تفرق الغيم واجتماع بعضه إلى بعض في أطراف السماء بلف الملاءة المضموم بعضها إلى بعض بعد نشرها للبسها اهـ.
وانفرد مسلم بهذه الرواية ولا يخفى ما في هذا الحديث من الأحكام ومن كرامات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر المؤلف رحمه الله في هذا الباب إلا حديث أنس وذكر فيه أربع متابعات والله سبحانه وتعالى أعلم.
(تنبيه):
(فإن قلت) لمَ لمْ يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالاستسقاء حتى سألوه مع أنه صلى الله عليه وسلم أشفق عليهم منهم وأولى بهم من أنفسهم.
(قلت) إنما ترك البداية به قبل سؤالهم به لأن مقامه صلى الله عليه وسلم التوكل والصبر على البأساء والضراء ولذلك كان أصحابه الخواص يقتدون به في ذلك وهذا المقام لا يصل إليه العامة وأهل البوادي ولهذا والله أعلم كان السائل في الاستسقاء بدويًّا فلما سألوه أجاب رعاية لهم وإقامةً لسنة هذه العبادة فيمن بعده من أهل الأزمنة التي يغلب على أهلها الجزع وقلة الصبر على اللأواء فيؤخذ منه أن الأفضل للأئمة الاستسقاء ولمن ينفرد بنفسه في صحراء أو سفينة الصبر والتسليم للقضاء لأنه صلى الله عليه وسلم قبل السؤال فوّض ولم يستسق اهـ من الإرشاد.