للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَانَ دَهْرًا يُحَدِّثُنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْوُحَاظِيِّ فَنَظَرْنَا فَإذَا هُوَ عَبْدُ الْقُدُّوسِ

ــ

قال النوويُّ: (فمعنى هذا الكلام: أنه إذا رَوَى عن إنسانِ معروفٍ باسمه .. كَنَاه ولم يُسَمِّه، وإذا رَوَى عن معروفٍ بكُنْيَتِه .. سَماه ولم يَكْنِهِ، وهذا نوع من التدليس وهو قبيح مذموم؛ فإنه يُلبس أمر الضعيف على الناس ويوهِمُ أن ذلك الراويَ ليس هو ذلك الضعيفَ، فيُخرجه عن حالتِه المعروفةِ بالجَرْحِ المُتفَقِ عليه وعلى تَرْكِه إلى حالة الجَهَالة التي لا تُؤَثِّرُ عند جماعةِ من العلماء بل يَحْتَجون بصاحبها وتَقْتَضِي تَوَقفا عن الحُكْم بصحتِه أو ضَعْفِه عند الآخرين، وقد يعتضد المجهولُ فيُحْتَج به أو يُرَجحُ به غيرُه، أو يُستأنس به، وأقبحُ هذا النوع: أن يَكْنِيَ الضعيفَ أو يُسَمِّيَه بكُنْية الثقة أو باسمه -لاشتراكهما في ذلك وشهرةِ الثقة به- فيوهم الاحتجاجَ به) اهـ (١)

وإنما قلنا: إنه كان يَكْنِي الأسامي؛ لأنه (كان) أي: بقِيَّة (دهرًا) أي: زمنا طويلا (يُحَدِّثُنا) ويَرْوي لنا (عن أبي سعيدٍ الوُحَاظِي)، قال النووي: (بضمِّ الواو وتخفيف الحاء المهملة وبالظاء المعجمة، وحكى صاحبُ "المطالع" (٢) وغيرُه فتحَ الواو أيضًا) (٣).

أي: يقول لنا: حَدَّثَنا أبو سعيدٍ الوُحَاظِي، فظننا أنه يحيى بن صالحِ الوُحَاظِي أبو زكرياء الحِمْصِي، أحدُ كبار المُحَدِّثين والفقهاء، (فنَظَرْنا) وفتشْنا في أسانيدِه ورواياتِه (فإذا هو) أي: الوُحَاظِي الذي رَوَى عنه تقِيه وذَكَرَه في أسانيدِه (عبدُ القُدوسِ) ابنُ حبيبِ الكَلاعيُ المعروفُ باسمه لا بكُنْيتِه ونسْبَتِه، فابدل اسمَ عبد القُدوس المعروفِ باسمه المُتفَقِ على ضَعْفِه بكُنْيته ونسْبَتِه اللتَينِ لم يَشْتَهِرْ بهما عند الناس تلبيسا عليهم.

قال النووي: (قال أبو علي الغَسَّانِي: "وُحَاظة بَطْنٌ من حِمْيَر"، وعبدُ القُدوسِ هذا: هو الشامي الذي تَقَدمَ تضعيفه وتصحيفُه، وهو عبد القُدوس بن حبيب


(١) انظر "إكمال المعلم" (١/ ١٥٢)، وفيه: (وحُكي عن أبي الوليد الباجي فيه فتح الواو).
(٢) "شرح صحيح مسلم" (١/ ١١٧).
(٣) "شرح صحيح مسلم" (١/ ١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>