(الناس) وخيارهم ولا لموت شرير من أشرارهم (وقال أبو بكر) في روايته: (لموت) جنس (بشر) من الأخيار أو الأشرار وإنما قال ذلك ردًّا على الجهلة الضلال حيث كانوا يعظمون الشمس والقمر فبين أنهما آيتان مخلوقتان لله تعالى لا صنع لهما بل هما كسائر المخلوقات يطرأ عليهما النقص والتغيير كغيرهما وكان بعض الضلال من المنجمين وغيرهم يقول: لا ينكسفان إلا لموت عظيم أو نحو ذلك فبين أن هذا باطل لا يغتر بأقوالهم وقد صادف موت إبراهيم رضي الله عنه.
(فإذا رأيتم شيئًا من ذلك) الكسوف (فصلوا حتى تنجلي) أي حتى تنكشف وتزول كسفتهما ففيه الحث على هذه الطاعة وهذا يدل على أن وقت الكسوف ينبغي أن يكون معمورًا بالصلاة إما بتطويل الصلاة أو بتعديد الركعات وهذا الأمر على جهة الندب (ما من شيء توعدونه) بصيغة المجهول في الآخرة هذا من الإيعاد وهو الوعيد بخلاف ما يأتي (إلا قد رأيته في صلاتي هذه) ومقامي هذا والله (لقد جيء) إليَّ (بالنار) أي بنار جهنم فرأيتها رؤية عيان ومكاشفة أو ممثلة لي في مقامي هذا (وذلكم) أي رؤيتي إياها (حين رأيتموني تأخرت) عن مقامي إلى جهتكم (مخافة أن يصيبني) وينالني (من لفحها) أي من ضرب لهبها شيء ولفح النار شدة لهبها وتأثيره ومنه قوله تعالى {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ} أي تضربها بلهبها واللفح أشد تأثيرًا من النفح كما في قوله تعالى {وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ} أي أدنى شيء منها قاله الهروي وهذا يدل على أن العمل اليسير في الصلاة لا يفسدها (و) رأيت النار (حتى رأيت فيها صاحب المحجن) أي الذي يسرق بمحجنه إذا غفل المسروق منه فإن انتبه له أرى من نفسه أن ذلك تعلق بمحجنه من غير قصد والمحجن عصًا معوجة الرأس كالصولجان (يجر قصبه) أي أمعاءه (في النار كان) صاحب المحجن (يسرق الحاج) أي متاعه (بمحجنه) أي يجره بعصاه المعوجة (فإن فطن) بالبناء للمفعول أي فهم (له) أي لصاحب المحجن والفطنة الفهم بحذق أخص من