فَأغْمَضَهُ. ثُمَّ قَال:"إِن الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ". فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ. فَقَال:"لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إلا بِخَيرٍ. فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ َعَلَى مَا تَقُولُونَ". ثُمَّ قَال: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ في الْمَهْدِيِّينَ وَاخْلُفْهُ في عَقِبِهِ في الْغَابِرِينَ
ــ
بفتح الشين ورفع بصره وهو فاعل شق أي انفتح بصره وبقي مفتوحًا هكذا ضبطناه وهو المشهور وضبط بعضهم بصره بالنصب وهو صحيح أيضًا والشين مفتوحة بلا خلاف وقال ابن السكيت في الإصلاح والجوهري حكاية عن ابن السكيت يقال شق بصر الميت ولا تقل: شق الميت بصره وهو الذي حضره الموت وصار ينظر إلى الشيء لا يرتد إليه طرفه.
(فأغمضه) أي أغمض عينيه لئلا يقبح منظره وإغماض الميت هو سد أجفانه وتغطيتها بعد موته وهو سنة عمل بها المسلمون كافة ومقصوده تحسين وجه الميت وستر تغير بصره وقوله: (إن الروح إذا قبض تبعه البصر) معناه إذا خرج الروح من الجسد يتبعه البصر ناظرًا أين يذهب وفي الروح لغتان التذكير والتأنيث وهذا الحديث دليل للتذكير وفيه دليل على أن الروح أجسام لطيفة متخللة في البدن وتذهب الحياة من الجسد بذهابها (فضجَّ) أي رفع الصوت بالبكاء (ناس من أهله) أي من أهل أبي سلمة وأقاربه قال ابن الأثير: الضجيج الصياح عند المكروه والمشقة والجزع (فقال) لهم الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير) أي لا تقولوا شرًّا ولا ويلًا أو الويل لي وما أشبه ذلك (فإن الملائكة يؤمنون) أي يقولون آمين (على ما تقولون) في دعائكم من خير أو شر (ثم قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم اغفر لأبي سلمة) خطاياه (وارفع درجته) عندك يا رب العالمين (في المهدببن) أي مع حملة المهديين بتشديد الياء الأولى أي مع الذين هداهم الله للإسلام سابقًا والهجرة إلى خير الأنام أو المعنى: واجعله في زمرة الذين هديتهم إلى الإِسلام اهـ أي (واخلفه في عقبه) أي كن له خليفة في ذريته الذين بقوا بعده (في الغابرين) أي الباقين أي في الأحياء من الناس قوله: (واخلفه) بهمزة الوصل وضم اللام من خلف يخلف إذا قام مقام غيره بعده في رعاية أمر هو حفظ مصالحه أي كن خلفًا أو خليفة له (في عقبه) بفتح العين وكسر القاف أي فيمن يعقبه ويتأخر عنه من ولد وغيره والعقب في الأصل مؤخر الرجل واستعير للولد وولد الولد ولا يقال فيمن لا عقب له أي لم يبق له ولد ذكر وقوله (في الغابرين) حال من عقبه أي أوقع خلافتك في عقبه حالة كونهم في جملة الباقين في الدنيا من الناس قاله القاري