وسلم (اتقي) أيتها الباكية عقاب (الله) سبحانه وتعالى (واصبري) على مصيبتك (فقالت) له صلى الله عليه وسلم اسكت عني (و) أنت (ما تبالي) ولا تكترث ولا تعتني (بمصيبتي) ولم تصب بمثلها ولم تذقها يقال: باليته وباليت به أي ما تكترث بها والظاهر من قولها هذا أنها لعظيم حزنها لم تعرفه ولم تكن رأته قبله فلما أخبرت بأنه النبي صلى الله عليه وسلم أخذها مثل الموت خوفًا من سوء ما جاوبت به النبي صلى الله عليه وسلم وتوهمت أنه على سيرة الملوك فقالت اعتذارًا: لم أعرفك ولما أتت بابه صلى الله عليه وسلم لم تجد عليه بوابين يمنعون الناس من الدخول عليه كما هو عادة الملوك وعبارة العون هنا: قوله: (وما تبالي) بصيغة المخاطب المعروف من باب المفاعلة يقال بالاه وبالى به مبالاة أي اهتم به واكترث له قال في النهاية: يقال: ما باليته وما باليت به أي لم أكترث به اهـ والمعنى أنت لا تبالي بمصيبتي ولا تعبأ بها ولا تعتني ولا تهتم بشأنها قال أصحاب اللغة اكترث له بالى به يقال: هو لا يكترث لهذا الأمر أي لا يعبأ به ولا يباليه وقال بعضهم الاكتراث الاعتناء ولفظ المصابيح من رواية الشيخين (فإنك لم تصب) على بناء المجهول أي لم تبتل (بمصيبتي) أي بعينها أو بمثلها على زعمها (فلما ذهب) صلى الله عليه وسلم من عندها (قيل لها: إنه) أي إن القائل الآمر لك بالصبر والتقوى هو (رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذها) حزن وهم (مثل الموت) خوفا من سوء أدبها في ردها عليه وحياء منه صلى الله عليه وسلم (فأتت بابه) صلى الله عليه وسلم اعتذارًا إليه مما وقع منها (فلم تجد على بابه بوابين) أي حجابين يمنعون الناس من الدخول عليه لأن ذلك كان من عادته لتواضعه ومجانبة أحوال المترفين والمتكبرين لأنه كان عبدًا نبيًّا لا نبيًّا ملكًا صلى الله عليه وسلم اهـ مفهم (فقالت) في اعتذارها: (يا رسول الله لم أعرفك) حين جاوبتك فلا تؤاخذني على سوء أدبي وجوابي. (فقال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الصبر) الشاق الصعب على النفس الذي يعظم الثواب عليه إنما هو (عند أول صدمة أو) قال الرسول صلى الله عليه وسلم أو الراوي: (عند أول الصدمة) بتعريف الصدمة والشك من الراوي أو ممن دونه أي عند هجوم المصيبة