صدق عليهم بموته في اليوم الذي مات فيه مع بُعد ما بين أرض الحبشة والمدينة قال القاري: وكان بينهما مسيرة شهر اهـ من فتح الملهم.
قوله:(فخرج بهم إلى المصلى) والمراد بها المكان الذي يصلَّى فيه العيد والجنائز وهو من ناحية بقيع الغرقد قاله الحافظ في الحدود وحكى ابن بطَّال عن ابن حبيب أن مصلى الجنائز بالمدينة كان لاصقًا بالمسجد النبوي من ناحية المشرق ويستفاد من الحديث أن ما وقع من الصلاة على بعض الجنائز في المسجد كان لأمر عارض أو لبيان الجواز كما أجاب به بعض أصحابنا عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على سهيل بن البيضاء في المسجد أنه صلى الله عليه وسلم كان معتكفا إذ ذاك فلم يمكنه الخروج من المسجد اهـ من فتح الملهم باختصار.
قال القرطبي: قوله: (فخرج بهم إلى المصلى) يستدل به على أن الجنائز لا يصلّى عليها في المسجد كما قد روى عن مالك وأبي حنيفة وجوَّزه الشافعي وظاهر هذا الحديث جواز الصلاة على الغائب وهو قول الشافعي ولم ير ذلك أصحابنا جائزًا لأنه لو كان ذلك لكان أحق من صُلِّيَ عليه كذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في البلاد النائية عن المدينة ولم يصح أنه فعل ذلك أحد من الصحابة ولا غيرهم ولو كان ذلك مشروعًا للزم أن يفعل ذلك دائمًا إلى غير غاية لعدم القاصر له على زمان معين وأجابوا عن حديث النجاشي بأمور أحدها: أن ذلك مخصوص بالنجاشي ليعلم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بإسلامه وليستغفروا له كما جاء في الحديث وثانيها: أنه كان قد رفع وأحضر له صلى الله عليه وسلم حتى رآه فصلَّى على حاضر بين يديه كما رفع للنبي صلى الله عليه وسلم بيت المقدس كما تقدم في باب الإيمان وثالثها: أنه كان لم يصل عليه أحد لأنه مات بين قوم كفار وكان يكتم إيمانه منتظرًا التخلص منهم فمات قبل ذلك ولم يصلِّ عليه أحد وعلى هذا فيصلى على الغريق وأكيل السبع وهو قول ابن حبيب من أصحابنا ولم ير ذلك مالك ولا جماعة من العلماء (قلت): وهذا الوجه الثالث أقربها وفيما تقدم نظر اهـ من المفهم.
(قلت): ويؤيد ظاهر الحديث مذهب الشافعي وهو الراجح والله أعلم.
قوله (وكبر أربع تكبيرات) وفي حديث زيد بن ثابت أنه كبر خمسًا وسيأتي بسط