أهل الجاهلية أي كانوا يظللون على الميت إلى سنة قال: وعن ابن عمر أنه رأى فسطاطًا على قبر أخيه عبد الرحمن فقال: انزعه يا غلام وإنما يظله عمله وقال بعض الشراح من علمائنا: ولإضاعة المال اهـ من فتح الملهم (و) نهى (أن يقعد عليه) بالبناء للمفعول كالذي قبله والذي بعده قيل: للتغوط والحدث وقيل: للإحداد وهو أن يلازم القبر ولا يرجع عنه وقيل: مطلقًا لأن فيه استخفافًا بحق أخيه المسلم وحرمته كذا قاله بعض علمائنا وقال الطيبي: المراد من القعود هو الجلوس كما هو الظاهر وقد نهى عنه لما فيه من الاستخفاف بحق أخيه المسلم وحمله بعضهم على قضاء الحاجة.
ونسبوه إلى زيد بن ثابت والأول هو الصحيح لما أخرجه الحاكم والطبراني عن عمارة بن حزم قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا على قبر فقال: يا صاحب القبر انزل من على القبر لا تؤذي صاحب القبر ولا يؤذيك وأخرج سعيد بن منصور عن ابن مسعود أنه سئل عن الوطء على القبر قال: كما أكره أذى المؤمن في حياته فإني أكره أذاه بعد موته اهـ منه.
(وأن يبنى عليه) فيه دليل على تحريم البناء على القبر وتقدم بيانه آنفًا في شرح قوله: (وأن يجصص القبر) قال الشافعي: رأيت الأئمة بمكة يأمرون بهدم ما يبنى على القبر ويدل على الهدم حديث علي المتقدم وروى الترمذي مصححًا نهى أن تجصص القبور وأن يكتب عليها وأن يُبنى عليها وأن توطأ وقال الحاكم: الكتابة وإن لم يذكرها مسلم فهي على شرطه وهي صحيحة غريبة وفي الدر المختار: لا بأس بالكتابة إن احتيج إليها حتى لا يذهب الأثر ولا يمتهن قال ابن عابدين: كان النهي عنها وإن صح فقد وجد الإجماع العملي بها فقد أخرج الحاكم النهي عنها من طرق ثم قال هذه الأسانيد صحيحة وليس العمل عليها فإن أئمة المسلمين من المشرق إلى المغرب مكتوب على قبورهم وهو عمل أخذ به الخلف عن السلف اهـ ويتقوى بما أخرجه أبو داود بإسناد جيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمل حجرًا فوضعه عند رأس عثمان بن مظعون فقال أتعلم به قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي فإن الكتاب طريق إلى تعرف القبر بها نعم يظهر أن محل دلالة هذا الإجماع العملي على الرخصة فيها إذا كانت الحاجة داعية إليها في الجملة كما أشار إليه في المحيط بقوله: إن احتيج إلى الكتابة حتى لا يذهب ولا يمتهن فلا بأس به فأما الكتابة بغير عذر فلا اهـ من فتح الملهم.