وإن كان في مقبرة مسبّلة فحرام نص عليه الشافعي والأصحاب قال الشافعي في الأم ورأيت الأئمة بمكة يأمرون بهدم ما يبنى عليها ويؤيد الهدم قوله:(ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته).
قال القرطبي: ووجه النهي عن البناء والتجصيص في القبور أن ذلك مباهاة واستعمال زينة الدنيا في أول منازل الآخرة وتشبه بمن كان يعظم القبور ويعبدها وباعتبار هذه المعاني وبظاهر هذا النهي ينبغي أن يقال هو حرام كما قد قال به بعض أهل العلم وقوله: (وأن يقعد عليها) اختلف في معناه فمنهم من حمله على ظاهره من الجلوس ورأى أن القبر يحترم كما يحترم المسلم المدفون فيه فيعامل بالأدب وبالتسليم عليه وبغير ذلك ولا شك في أن التخلي على القبور وبينها ممنوع إما بهذا الحديث وإما بغيره كحديث الملاعن الثلاث فإنه مجلس الزائر للقبر فهو في معنى التخلي في الظلال والطرق والشجر المثمر وغير ذلك ولأن ذلك استهانة للميت المسلم وأذىً لأوليائه الأحياء والله تعالى أعلم اهـ من المفهم.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
(٢١٢٨)(٩٣٤)(٨٤)(وحدثني زهير بن حرب) الحرشي النسائي (حدثنا جرير) ابن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة من (٨)(عن سهيل) بن أبي صالح السمان المدني (عن أبيه) أبي صالح ذكوان السمان المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه.
وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وواحد كوفي وواحد نسائي.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن يجلس أحدكم على جمرة) وشعلة من نار (فتحرق ثيابه فتخلص) بضم اللام أي فتصل (إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر) الظاهر عمومه وفي الأزهار نقلًا عن بعض العلماء أن يحمل ما فيه التغليظ من هذه الأحاديث على الجلوس للحدث فإنه يحرم وما لا تغليظ فيه على الجلوس المطلق فإنه مكروه وهذا تفصيل حسن والاتكاء والاستناد كالجلوس المطلق كذا في المرقاة وفي الحديث جعل الجلوس على القبر وسراية مضرته إلى قلبه وهو لا