المكان المتسع ولا يسمى بقيعًا إلَّا وفيه شجر أو أصولها والغرقد اسم شجر والآن بقيت الإضافة دون الشجر (فيقول: السلام عليكم) قال الخطابي: فيه أن السلام على الموتى كالسلام على الأحياء في تقديم لفظ السلام على المسلم عليه خلافًا لمن قال: إن تحية الميت عليك السلام بتقديم عليك على السلام تمسكًا بما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم عليه رجل فقال: عليك السلام يا رسول لله فقال لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الميت رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن حبان.
وهذا لا حجة فيه لأنه صلى الله عليه وسلم إنما كره منه أن يبدأ بعليك السلام لأنه كذلك كانت تحية الجاهلية للموتى كما قال شاعرهم:
عليك سلام الله قيس بن عاصم ... ورحمته ما شاء أن يترحما
ومقصوده صلى الله عليه وسلم أن سلام المسلمين على الأحياء والموتى مخالف لما كانت الجاهلية تفعله وتقوله والله سبحانه وتعالى أعلم.
(دار قوم مؤمنين) بنصب دار على النداء وقيل: على الاختصاص ولفظ الدار مقحم أو هو من ذكر اللازم لأنه إذا سلم على الدار فأولى سكانها والتقدير: يا أهل دار قومٍ مؤمنين كذا في المرقاة اهـ ويجوز جره على البدل من الضمير في عليكم سمى صلى الله عليه وسلم موضع القبور دارًا لاجتماع الموتى فيه كالأحياء في الديار قال الخطابي: وفيه أن اسم الدار يقع على المقابر وهو الصحيح لأن الدار لغة تطلق على المسكون والخرب (وأتاكم) أي جاءكم الآن (ما) كنتم (توعدونـ) ـه (غدًا) أي بوقوعه في الغد وهو يوم القيامة وأنتم (مؤجلون) في وقوعه عليكم والأجل مدة ما بين الموت إلى النشور (وإنا إن شاء الله) سبحانه وتعالى موتنا على الإيمان أو دفننا في هذه المقبرة (بكم لاحقون) في الدفن في هذه المقبرة وعلق بالمشيئة مع أن الموت لا بد منه قيل: امتثالًا لقوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيءٍ} الاية وقيل: في الدفن في تلك البقعة (اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد) أضيف إلى الغرقد لغرقد كان فيه والغرقد ما عظم من شجر العوسج وفيه إطلاق لفظ الأهل على ساكن المكان من حي وميت.
قال العلامة السندي: أي أتاكم ما كنتم توعدون يوم إذ كنتم في الدنيا أنَّه يجيئكم عذابه