قال القاري: واعلم أن ذكره وقع استطرادًا أو بيانًا لما ينبغي أن يعتني به من له مروءة لا لكون التعذيب يترتب عليه أيضًا لما هو مقرر من أن العذاب لا يكون إلا على ترك واجب أو فعل محرم اللهم إلا أن يحمل على وقت القحط أو حالة الاضطرار أو على وجوب ضيافة العمال.
والجار والمجرور خبر مقدم لقوله:(حلبها) وهو مبتدأ مؤخر والجملة ومعترضة سيقت لبيان حقها المندوب لا الواجب فإن معنى حلبها يوم وردها الماء أن يسقي ألبانها المارة وهو غير واجب إلا أن يحمل على ماذكر آنفًا.
قال النواوي: حلبها بفتح اللام من باب طلب هي اللغة المشهورة وحكي سكونها من باب قتل وهو غريب ضعيف وإن كان هو القياس.
(يوم وردها) قيل: الورد الإتيان إلى الماء ونوبة الإتيان إلى الماء فإن الإبل تأتي الماء في كل ثلاثة أيام أو أربعة وربما تأتي في ثمانية أيام. قال الطيبي: ومعنى حلبها يوم وردها أن يسقي المارة ألبانها وهذا مثل نهيه صلى الله عليه وسلم عن الجذاذ بالليل أراد أن يصرم بالنهار ليحضرها الفقراء.
قال ابن بطال: يريد حق الكرم والمواساة وشريف الأخلاق لا أن ذلك فرض وقال أيضًا: كانت عادة العرب التصدق باللبن علي الماء فكان الضعفاء يرصدون ذلك منهم قال: والحق حقان فرض عين وغيره فالحلب من الحقوق التي هي من مكارم الأخلاق،
وقال إسماعيل القاضي: الحق المفترض هو الموصوف المحدود وقد تحدث أمور لا تحد فتجب فيها المواساة للضرورة التي تنزل من ضعيف مضطر أو جائع أو عار أو ميت ليس له من يواريه فيجب حينئذ على من يمكنه المواساة التي تزول بها هذه الضرورات قال ابن التين: وقيل: كان هذا قبل فرض الزكاة.
قال الحافظ: ووقع عند أبي داود من حديث أبي هريرة: قلنا: يا رسول الله ما حقها قال: إطراق فحلها صماعارة دلوها ومنحتها وحلبها على الماء وحمل عليها في سبيل الله اهـ من فتح الملهم.
(إلا إذا كان يوم القيامة بطح) بالبناء للمفعول أي ألقي على وجهه وبسط (لها) أي لأجل وطئها عليه (بقاع) أي في أرض مستوية لا انخفاض ولا ارتفاع فيها (قرقر) أي أملس فقوله: (بطح لها) أي ألقي ذلك الصاحب على وجهه أو على ظهره قال القاضي: