للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَتْبَعُهُ فَاتِحًا فَاهُ. فَإِذَا أَتَاهُ فَرَّ مِنْهُ. فَيُنَادِيهِ: خُذْ كَنْزَكَ الَّذِي خَبَأْتَهُ. فَأَنَا عَنْهُ غَنِيٌّ. فَإِذَا رَأَى أَنْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ. سَلَكَ يَدَهُ فِي فِيهِ. فَيَقْضَمُهَا قَضْمَ الْفَحْلِ"

ــ

والمواقف وما سبق من قوله: صفحت له صفائح في حال وموقف آخر فلا معارضة بين الحديثين اهـ فتح الملهم.

(يتبعه) أي يتغ الشجاع صاحب الكنز حالة كون الشجاع (فاتحًا فاه) أي فمه ليأكله (فإذا أتاه) أي أتى الشجاع صاحب الكنز وجاءه (فر) وشرد صاحب الكنز (منه) أي من الشجاع (فيناديه) أي ينادي الشجاع صاحب الكنز فيقول في ندائه: (خذ كنزك) أي جزاءه أو منقلبه قال ابن الملك: أراد به الشجاع نفسه لما جاء في حديث آخر (ثم يقول أنا مالك أنا كنزك) (الذي خبأته) أي سترته عن المساكين وحفظته من الناس (فأنا عنه) أي عن كنزك (غني).

قال ابن الملك: ظاهره مشعر بأن الشجاع غير الكنز ولعل هذا يكون تجريدًا فإنه لكماله في كونه كنزًا جرد عن نفسه كنزًا آخر اهـ.

وإنما خص التمثيل بالشجاع لشدة عداوة الحيات للإنسان وفائدة هذا القول إثارة الحسرة والندامة والزيادة في التعذيب حيث لا ينفعه الندم.

قال الطيبي: وفيه نوع تهكم لمزيد غمه وهمه لأنه شر أتاه من حيث كان يرجو خيرًا (فإذا رأى) وظن صاحب الكنز (أن لا بد له) أي أنه لا بد ولا مفر له من الشجاع فـ (أن) مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن وجملة لا النافية خبرها وجملة أن المخففة سادة مسد مفعولي رأى أي لأن رأى علمية فإذا علم عدم المفر والمهرب له (منه سلك) أي أدخل (يده في فيه) أي في فم الشجاع والجملة جواب إذا (فيقضمها) أي فيقضم الشجاع يده ويأكلها (قضم الفحل) من البعير الغصن من الشجر أي قضمًا كقضم الفحل أي أكلًا كأكل البعير الغصن من الشجر ففي الكلام تشبيه بليغ وإنما خص القضم باليد لأن المانع الكانز يكتسب المال بيديه يقال: قضمت الدابة شعيرها بكسر الضاد تقضمه بفتحها إذا أكلته والقضم بأطراف الأسنان والخضم بالفم كله وقيل: القضم أكل اليابس والخضم أكل الرطب ومنه قول عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: (تخضمون ونقضم والله الموعد) اهـ قرطبي.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (٣/ ٣٢١) والنسائي (٥/ ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>