الذي قلته آنفًا (قال) أبو ذر: (ما قلت) أنا شيئًا من قبل نفسي (إلا شيئًا قد سمعته من نبيهم - صلى الله عليه وسلم - قال) الأحنف (قلت) له (ما تقول في) حكم (هذا العطاء) الذي نعطاه من بيت المال هل يجوز أم لا (قال) أبو ذر: (خذه) أي خذ ذلك العطاء يا أحنف إن كنت محتاجًا إليه لمؤنة عيالك ولم يكن عوضًا عن دينك كأجرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الواجبين عليك وجوبًا عينيًا (فإن فيه) أي فإن فيما أخذته منه (اليوم معونة) لك أي إعانة لك على قضاء حوائجك (فإذا كان) هذا العطاء الذي أخذته من بيت المال (ثمنًا) أي عوضًا (لدينك) أي عن دينك أي أخذته في مقابلة الشغل الواجب عليك في الدين كالأمر المذكور مع استغنائك عنه بل أخذته لجمع المال في البنوك (فدعه) أي دع ذلك العطاء واتركه ولا تأخذه فإنه لا خير لك فيه إلا خطر المحاسبة عليه في الآخرة،
قال القرطبي: والمعنى أي إذا كنت لا تتوصل إليه إلا بوجه غير جائز فلا تلتفت إليه فإن سلامة الدين أهم من نيل الدنيا فكيف إذا انتهى الأمر إلى أن لا يسلم دين ولا تنال دنيا ومن أخسر صفقة ممن خسر الآخرة والأولى نعوذ بالله من سخطه اهـ من المفهم.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فقال:
(٢١٨٩)(٩٥٦)(١٠٦)(حدثني زهير بن حرب ومحمد بن عبد الله بن نمير قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان المدني (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان كوفيان أو كوفي ونسائي حالة كون أبي هريرة (يبلغ به) أي يرفع هذا