للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَيرُحَا. وَكَانَت مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ. وَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ

ــ

قوله: (وكان أحب أمواله) بنصب أحب على أنه خبر كان مقدم على اسمها وقوله: (بَيرُحَا) بالرفع أسمها مؤخرًا أو أحب اسمها وبيرحا خبرها لكن قال الزركشي وغيره: إن الأول أحسن لأن المحدث عنه بير فينبغي أن يكون هو الاسم.

وقد اختلف في بيرحا هل بكسر الموحدة أو بفتحها وهل بعدها همزة ساكنة أو مثناة تحتية وهل الراء مضمومة أو مفتوحة وهل هو معرب أم لا وهل (حا) ممدود أو مقصور منصرف أو غير منصرف وهل هو اسم قبيلة أو بستان أو امرأة أو أرض وجزم التيمي بأن المراد به في الحديث البستان معللًا بأن بساتين المدينة تدعى بأبارها أي البستان الذي فيه بيرحا.

وقال الصنعاني: بيرحا فيعلى من البراح اسم أرض كانت لأبي طلحة وأهل الحديث يصحفون ويقولون: بئر حاء بإضافة البئر إلى (حاء) على أن يكون (حاء) اسم رجل على لفظ حرف الحاء ويحسبون أنها بئر من آبار المدينة ونحوه اهـ قسطلاني.

(وكانت) بيرحا أي تلك الأرض أو البقعة تعرف بقصر بني حديلة بضم الحاء وفتح الدال مصغرًا كما في العسقلاني.

(مستقبلة المسجد) النبوي أي قبالته قريبة منه (وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخلها) دائمًا (ويشرب من ماء فيها) أي في بيرحا (طيب) صفة ماء أي عذب.

قوله: (طيب) قال ابن بطال: استعذاب الماء لا ينافي الزهد ولا يدخل في الترفه المذموم بخلاف تطييب الماء بالمسك ونحوه فقد كرهه مالك لما فيه من السرف وأما شرب الماء الحلو وطلبه فمباح فقد فعله الصالحون وليس في شرب الماء الملح فضيلة قال: وفيه دلالة على أن أستطابة الأطعمة جائزة وأن ذلك من فعل أهل الخير وقد ثبت أن قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} نزل في الذين أرادوا الامتاع من لذائذ المطاعم قال: ولو كانت مما لا يريد الله تناولها ما امتن بها على عباده بل نهيه عن تحريمها يدل على أنه أراد منهم تناولها ليقابلوا نعمته بها عليهم بالشكر له وإن كانت نعمة لا يكافئها شكرهم.

وقال ابن المنير: أما أن استعذاب الماء لا ينافي الزهد والورع فواضح وأما الاستدلال بذلك على لذيذ الأطعمة فبعيد قاله الحافظ اهـ فتح الملهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>