المرسلين) يعني لم يفرق الله تعالى بين الرسل وغيرهم في وجوب طلب الحلال والاجتناب عن الحرام اهـ ابن الملك.
(فقال) تعالى في أمر الرسل: ({يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ})[المؤمنون: ٥١] وهذا النداء خطاب لجميع الأنبياء لا أنهم خوطبوا بذلك دفعة واحدة لأنهم أرسلوا في أزمنة مختلفة بل على أن كلًّا منهم خوطب في زمانه ويمكن أن يكون هذا النداء يوم الميثاق لخصوص الأنبياء أو باعتبار أنه تعالى ليس عنده صباح ولا مساء وفيه تنبيه نبيه على أن إباحة الطيبات شرع قديم واعتراض على الرهبانية في رفضهم اللذات وإيماء إلى أن أكل الطيب مورث العمل الصالح وهو ما يتقرب به إلى الله تعالى اهـ فتح الملهم.
(وقال) تعالى في أمر المؤمنين: ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ})[البقرة: ١٧٢] أي من حلالاته أو مستلذاته ونعمته {وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} وفيه إشارة إلى أن الله تعالى خلق الأشياء كلها لعبيده كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} وإنه خلق عبيده لمعرفته وطاعته كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ}.
(ثم ذكر الرجل) هذه الجملة من كلام الراوي والضمير فيه للنبي صلى الله عليه وسلم الرجل بالرفع مبتدأ مذكور على وجه الحكاية من لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجوز أن ينصب على أنه مفعول ذكر (يطيل السفر) أي يسافر من مكان في وجوه الطاعات كحج وزيارة مستحبة وصلة رحم وجهاد وتعلم العلم وغير ذلك وهذه الجملة على الوجه الثاني صفة للرجل لأنه في المعنى كالنكرة كما وجه كذا قوله تعالى: {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} ويصح أن تكون حالًا منه نظرًا إلى لفظه كما في قوله:
ولقد أمر على اللئيم يسبني ... فمضيت ثمت قلت لا يعنيني
أي ثم بعد ما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يطيل السفر في وجوه الطاعات حالة كونه (أشعث) الرأس أي متلبد شعر الرأس متوسخه وحالة كونه (أغبر) الجسد أي متلطخ الغبار في جسده.