وهذا السند من سداسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون وأن فيه ثلاثة من التابعين روى بعضهم عن بعض الأعمش وعمرو وخيثمة.
(قال) عدي: (ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم النار) الأخروية (فأعرض) بوجهه عنها كأنه يراها (وأشاح) أي بالغ في إعراضه عنها أو حذر عنها كأنه ينظر إليها أو جد على الإيصاء باتقائها قال الخليل: أشاح عن كذا تنحى عنه وهذا يطابق أعرض وعلى هذا فعطفه على أعرض من عطف المرادف قال الجرمي: أشبه الوجوه ما قاله الخليل من أنها التنحية بمعنى الإعراض.
(ثم قال: اتقوا النار) أي اجعلوا الوقاية بينكم وبين النار (ثم أعرض) وتنحى عنها (وأشاح) أي عدل وأقبل إلينا كأنه يهرب منها (حتى ظننا) من شدة إعراضه وإشاحته عنها (أنه كأنما) زائدة بدليل سقوطها في رواية أبي كريب وجملة: (ينظر إليها) خبر أن أي حتى ظننا أنه ناظر إليها أي حتى ظننا من كثرة ما رأينا من تغيره من حالة إلى حالة أخرى وعدم ثباته على حالة واحدة أنه ناظر إليها لما فيه من الدلالة على الاضطراب والتحير والتدهش.
(ثم قال) ثانيًا: (اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد) تمرة (فـ) ـليتق (بكلمة طيبة ولم يذكر أبو كريب) في روايته لفظة (كأنما وقال) أبو كريب في روايته: (حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش) بصيغة التحديث عن الأعمش ولم يعنعن عنه.
فمعنى هذا الكلام (فمن لم يجد) أي شيئًا يتقى به من النار (فبكلمة طيبة) أي فليتق بها قال النواوي: فيه أن الكلمة الطيبة سبب للنجاة من النار وهي الكلمة التي فيها تطييب قلب إنسان إذا كانت مباحة أوطاعة اهـ.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه فقال: