وواحد مدني وواحد كوفي غرضه بيان متابعة عبد الله بن طاوس لحسن بن مسلم (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل البخيل والمتصدق) أي صفتهما (مثل رجلين) أي كصفة رجلين ففيه تشبيه بليغ وفي هذه الرواية حذف الكاف.
وهذه الرواية هي الرواية الصحيحة وهي المذكورة في زكاة البخاري وجهاده ولباسه وهي المأخوذة في المشارق والجامع الصغير والحديث جاء على التمثيل ليس خبرًا عن كائن (عليهما جنتان) أي درعان (من حديد) وفي أكثر روايات البخاري: (جبتان) بالباء تثنية جبة اللباس المعروف ولا مانع من إطلاقها على الدرع خصوصًا مع معونة قوله: (من حديد).
(إذا هم) وأراد (المتصدق) أن يتصدق (بصدقة اتسعت) جنته وانبسطت (عليه) وطالت وانجرت على الأرض (حتى تعفي) بتشديد الفاء من التعفية وتمحو (أثره) أي أثر قدمه بذيلها لكونها سابغة وهذا كناية عن انشراح قلبه بالصدقة كما (وإذا هم البخيل) وقصد أن يتصدق (بصدقة تقلصت) الجنة وانقبضت (عليه) وضاقت (وانضمت يداه) أي صارتا منضمتين (إلى تراقيه) أي إلى عظام ثغرة نحره (وانقبضت) أي انضمت (كل حلقة) بسكون اللام أي كل حلقة من حلق الدرع (إلى صاحبتها) وقرينتها أي إلى التي في جنبها ولزقت بها وما انبسطت (قال) أبو هريرة: (فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فيجهد) ذلك البخيل أي يجتهد ويحاول (أن يوسعها) أي أن يوسع تلك الجنة من التوسعة (فلا يستطيع) أي لا يطيق توسعتها لشدة التصاقها وانضمامها والله أعلم.
قال القرطبي: وهذان المثلان للبخيل والمتصدق واقعان لأن كل واحد منهما إنما يتصرف بما يجد من نفسه فمن غلب الإعطاء والبذل عليه طاعت نفسه وطابت بالإنفاق وتوسعت فيه ومن غلب عليه البخل كان كما خطر بباله إخراج شيء مما بيده شحت نفسه بذلك فانقبضت يده للضيق الذي يجده في صدره ولشح نفسه الذي من وقيه فقد