للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال أَبُو بَكْرٍ الصديقُ: يَا رَسُولَ الله، مَا عَلَى أَحَدٍ يُدعَى مِنْ تِلْكَ الأبوَاب مِنْ ضَرُورَةٍ. فَهلْ يُدعَى أَحدٌ مِنْ تِلْكَ الأبوَابِ كُلِّها؟ قَال رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "نَعَم. وَأَرجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُم"

ــ

ولما فهم أبو بكر رضي الله عنه هذا المعنى (قال أبو بكر الصديق) رضي الله عنه (يا رسول الله ما على أحد يدعى من تلك الأبواب من ضرورة) أي من ضرر وتعب فمن زائدة استغراقية وضرورة اسم ما مؤخر وعلى أحد خبرها أي أي أليس تعب وضرر كائنًا على أحد يدعى من تلك الأبواب المختلفة (فهل يدعى أحد من تلك الأبواب) المختلفة (كلها) أي فهل يحصل لأحد من أهل الإكثار من تطوعات البر المختلفة ما يتأهل به لأن تدعوه خزنة الجنة من كل باب من أبوابها فـ (ـقال) له (رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم) أي يدعى منها كلها على سبيل التخيير في الدخول من أيها شاء لاستحالة الدخول من الكل معًا اهـ قسطلاني أي يكون جماعة يدعون من جميع الأبواب تعظيمًا وتكريمًا لهم لكثرة صلاتهم وجهادهم وصيامهم وغير ذلك من أبواب الخير (وأرجو أن تكون) أنت يا أبا بكر (منهم) أي من الذين يدعون من كل باب تكرمة لهم.

قال العلماء: الرجاء من الله ومن نبيه واقع بهذا التقرير، قال الحافظ: وفي الحديث إشعار بقلة من يدعى من تلك الأبواب كلها وفيه إشارة إلى أن المراد ما يتطوع به من الأعمال المذكورة لا واجباتها لكثرة من يجتمع له العمل بالواجبات كلها بخلاف التطوعات فقل من يجتمع له العمل بجميع أنواع التطوعات ثم من يجتمع له ذلك إنما يدعى من جميع الأبواب على سبيل التكريم له وإلا فدخوله إنما يكون من باب واحد ولعله باب العمل الذي يكون أغلب عليه والله أعلم وأما ما أخرجه مسلم عن عمر (من توضأ ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله) الحديث وفيه: (فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء) فلا ينافي ما تقدم كان كان ظاهره أنه يعارضه لأنه يحمل على أنها تفتح له على سبيل التكريم ثم عند دخوله لا يدخل إلا من باب العمل الذي يكون أغلب عليه كما تقدم وليس فيه ذكر المناداة والله أعلم.

(تنبيه) وذكر مسلم في هذا الحديث من أبواب الجنة أربعة فذكر باب الصلاة وباب الصدقة وباب الصيام وباب الجهاد وزاد غيره بقية الثمانية فذكر فيها باب التوبة وباب الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس وباب الراضين لقضاء الله تعالى والباب الأيمن الذي يدخل منه من لا حساب عليه حكاه القاضي أبو الفضل اهـ من المفهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>