للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَيُعْطِي اللهُ"

ــ

(وإنما أنا قاسم) بينكم أي أقسم ما أمرت بقسمته على حسب ما أمرت به (ويعطي الله) سبحانه وتعالى ما شاء لمن شاء ولست أنا معطيًا ولا مانعًا فالأمور كلها بمشيئة الله تعالى وتقديره فهو المانع والمعطي فغيره مجبور مأمور.

وقال التوربشتي: اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم أصحابه أنه لم يفضل في قسمة ما أوحى الله إليه أحدًا من أمته بل سوى في البلاغ وعدل في القسمة وإنما التفاوت في الفهم وهو واقع من طريق العطاء ولقد كان بعض الصحابة رضي الله عنهم يسمع الحديث فلا يفهم منه إلا الظاهر الجلي ويسمعه آخر منهم أو ممن بعدهم فيستنبط منه مسائل كثيرة وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده.

وقال الشيخ قطب الدين في شرحه: (إنما أنا قاسم) يعني أنه لم يستأثر بشيء من مال الله وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس وهو مردود عليكم) صيانما قال أنا قاسم تطييبًا لنفوسهم لمفاضلته في العطاء فالمال لله والعباد لله وأنا قاسم بإذن الله ماله بين عباده.

(قلت): بين الكلامين بون لأن الكلام الأول يشعر بأن القسمة في تبليغ الوحي وبيان الشريعة وهذا الكلام صريح في قسمة المال ولكل منهما وجه كذا في عمدة القاري.

ويؤيد المعنى الثاني ما مر في الطريق الأول: (ومن أعطيته عن مسئلة وشره) إلخ والله سبحانه وتعالى أعلم.

وفي بعض الهوامش قوله (من يرد الله به خيرًا) تنكيره للتفخيم (يفقهه في الدين) أي يجعله عالمًا بالأحكام الشرعية ذا بصيرة فيها بحيث يستخرج المعاني الكثيرة من الألفاظ القليلة اهـ مبارق.

وفي تيسير المناوي: (من يرد الله به خيرًا) أي عظيمًا كثيرًا (يفقهه في الدين) أي يفهمه أسرار أمر الشارع ونهيه بنور رباني قوله: (إنما أنا قاسم) أي أقسم بينكم تبليغ الوحي من غير تخصيص (والله يعطي) كل واحد منكم من الفهم على قدر ما تعلقت به إرادة الله تعالى فالتفاوت في أفهامكم منه سبحانه وتعالى كذا في القسطلاني في كتاب العلم من صحيح البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>