للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ حَتى يَلْقَى اللهَ، وَلَيسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ"

ــ

وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان بصريان وواحد مكي وواحد كوفي.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تزال المسألة) أي سؤال المال للناس مذلة (بأحدكم) قائمة به (حتى يلقى الله) سبحانه وتعالى يوم القيامة (و) الحال أنه (ليس في وجهه مزعة لحم) بضم الميم مع سكون الزاي بعدها عين مهملة أي قطعة يسيرة من اللحم.

قال القرطبي: يقال: مزعت المرأة الصوف إذا قطعته لتهيئه للغزل وتمزع أنفه أي تشقق وهذا كما قيل في الحديث الآخر (المسألة كدوح أو خدوش يخدش بها الرجل وجهه يوم القيامة) رواه أبو داود والنسائي والترمذي من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه.

وهذا محمول على كل من سال سؤالًا لا يجوز له وخص الوجه بهذا النوع لأن الجناية وقعت به إذ قد بذل من وجهه ما أمر بصونه عنه وتصرف به في غير ما سوغ له اهـ من المفهم.

وقال الطيبي: أي يأتي يوم القيامة لا جاه له ولا قدر من قولهم: لفلان وجه في الناس أي قدر ومنزلة أو يأتي فيه ليس على وجهه لحم أصلًا إما عقوبة له وإما إعلامًا بعمله اهـ.

وذلك بأن يكون علامة له يعرفه الناس بتلك العلامة أنه كان يسأل الناس في الدنيا فيكون تفضيحًا له وتشهيرًا لمآله وإذلالًا له كما أذل نفسه في الدنيا وأراق ماء وجهه بالسؤال.

ومن دعاء الإمام أحمد اللهم كما صنت وجهي عن سجود غيرك فصن وجهي عن مسئلة غيرك.

قال الحافظ: والأول صرف الحديث عن ظاهره وقد يؤيده ما أخرجه الطبراني والبزار من حديث مسعود بن عمرو مرفوعًا إلا يزال العبد يسال وهو غني حتى يخلق وجهه فلا يكون له عند الله وجه).

قال ابن أبي جمرة: معناه أنه ليس في وجهه من الحسن شيء لأن حسن الوجه بما فيه من اللحم ومال المهلب إلى حمله على ظاهره وإلى أن السر فيه أن الشمس تدنو يوم القيامة فإذا جاء لا لحم بوجهه كانت أذية الشمس له أكثر من غيره قال: والمراد به من

<<  <  ج: ص:  >  >>