مثل أن يقع حرب بين فريقين يسفك فيهما الدماء فيدخل بينهم رجل يتحمل ديات القتلى ليصلح ذات البين والتحمل أن يحملها عنهم على نفسه اهـ والعرب كانوا يعدون ذلك شرفًا.
قال القرطبي:(قوله: تحملت حمالة) أي ألزمتها نفسي والحمالة ما لزم الإنسان تحمله من غرم أو دية وكانت الرب إذا وقعت بينهم ثائرة اقتضت غرمًا في دية أو غيرها قام أحدهم فتبرع بالتزام ذلك والقيام به حتى ترتفع تلك الثائرة ولا شك أن هذا من مكارم الأخلاق ولا يصدر مثله إلا عن سادات الناس وخيارهم وكانت الرب لكرمها إذا علمت بأن أحدًا تحمل حمالة بادروا إلى معونته وأعطوه ما يتم به وجه مكرمته وتبرأ به ذمته ولو سأل المتحمل في تلك الحمالة لم يعد ذلك نقصًا بل شرفًا وفخرًا ولذلك سأل هذا الصحابي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حمالته التي تحملها على عاداتهم فأجابه صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بحكم المعونة على المكرمة ووعده النبي صلى الله عليه وسلم بمال من الصدقة لأنه غارم من جملة الغارمين المذكورين في آية الصدقات اهـ من المفهم.
(فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم) حالة كوني (أسأله) صلى الله عليه وسلم صدقة تكون معونة لي (فيها) أي في قضاء تلك الحمالة أو أساله مالًا لأجل وفاء تلك الحمالة ففي بمعنى لام التعليل (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أقم) يا قبيصة من الإقامة بمعنى اثبت واصبر وكن مقيمًا في المدينة اهـ من العون.
(حتى تأتينا الصدقة) أي يحضرنا مالها يعني الزكاة (فنأمر لك) السعاة (بها) أي بإعطاء الصدقة لك أي بإعطاء ما توفي به دينك من مال الزكاة أو بوفاء الحمالة.
وفي العون: قوله: (فنأمر لك بها) أي بالصدقة أو بالحمالة.
(قال) قبيصة: (ثم قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا قبيصة إن المسألة) أي السؤال والشحذة (لا تحل إلا لأحد ثلاثة) من الأشخاص.