يقسمه الإمام على كل الناس غنيًّا أو فقيرًا (وأنت) أي والحال أنك (غير مشرف) أي غير متطلع إليه ولا طامع فيه ولا حريص عليه (ولا سائل) أي طالب له.
قال أبو داود: سألت أحمد عن إشراف النفس فقال: بالقلب وقال يعقوب بن محمد: سألت أحمد عنه فقال: هو أن يقول مع نفسه: يبعث إلي فلان بكذا وقال الأثرم: يضيق عليه أن يرده إذا كان كذلك اهـ فتح الملهم.
(فخذه) أمر على جهة الندب والإرشاد لمصلحة.
قال القرطبي: إشراف النفس تطلعها وتشوفها وشرحها لأخذ المال ولا شك أن هذه الأمور إذا كانت هي الباعثة على الأخذ للمال كان ذلك من أدل دليل على شدة الرغبة في الدنيا والحب لها وعدم الزهد فيها والركون إليها والتوسع فيها وكل ذلك أحوال مذمومة فنهاه عن الأخذ على هذه الحالة اجتنابًا للمذموم وقمعًا لداوعي النفس ومخالفة لها في هواها فإن من لم يكن كذلك جاز له الأخذ للأمن من تلك العلل المذمومة قال الطحاوي: وليس معنى هذا الحديث في الصدقات وإنما هو في الأموال التي يقسمها الإمام على أغنياء الناس وفقرائهم اهـ من المفهم.
(ومالا) أي وما لا يجيئك إلا بتطلع إليه واستشراف عليه (فلا تتبعه نفسك) من الإتباع بالتخفيف أي فلا تجعل نفسك تابعة له ولا توصل المشقة إليها في طلبه اهـ مرقاة.
وقال القرطبي: أي لا تعلقها ولا تطمعها في ذلك فإذا فعلت ذلك بها سكنت ويئست وهذا النهي على الكراهة يرشد إلى المصلحة التي في الإعراض.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري (٧١٦٤) وأبو داود (١٦٧١) والنسائي (٥/ ١٠٥).
وقال الطبري: اختلف الناس فيما أمر النبي صلى الله عليه وسلم به عمر من ذلك بعد إجماعهم على أنه أمر ندب وإرشاد فقيل: هو ندب إلى عطية السلطان وغيره وقيل بل ذلك إلى عطية غير السلطان وأما عطية السلطان فقد حرمها قوم وكرهها آخرون فأما من حمل الحديث على عطية السلطان وأنها مندوب إليها فذلك إنما يصح أن يقال: إذا كانت أموالهم كما كانت أموال سلاطين السلف مأخوذة من وجوهها غير ممنوعة من مستحقيها فأما اليوم فالأخذ من أموالهم إما حرام وإما مكروه والله سبحانه أعلم اهـ من المفهم.